جمعية sos قرى الأطفال سورية… الأسرة البديلة لكل طفل يحتاج الرعاية
بينما يعيش الأطفال عادة في كنف أسرهم ينعمون بالدفء والحنان، هناك أطفال فقدوا الأب الذي يعتبر السند والمعيل من حياتهم، أو فقدوا الأم نبع الحنان، ليجدوا أنفسهم في معترك الحياة بلا ملاذ. وانطلاقا من فكرة رعاية الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومن شردتهم الحروب، تأسست sos قرى الأطفال في سورية لتضمهم وترعاهم إلى أن يكبروا ويعتمدوا على أنفسهم.
الفكرة والتأسيس
تأسست sos قرى الأطفال في سورية عام 1975، وافتتحت أول قرية عام 1981 والقرية هي مركز يتم فيه تقديم الرعاية البديلة فيه للأطفال، سواء كانوا أيتاماً أو فاقدين للرعاية الأسرية، أي أنها ليست حكراً على الأيتام.
«البعث ميديا» أجرت حواراً مع مديرة قسم التمويل المالي والتواصل الأستاذة “لور قات” التي حدثتنا باستفاضة قائلة: يعيش الأطفال ضمن بيوت داخل القرية، وتقوم بتربيتهم أم بديلة، فتقدم الرعاية للأطفال كأنها أم حقيقية، وأحياناً يكون العدد كبيراً أي يمكن أن يصل العدد بالبيت الواحد إلى 10 أطفال، في هذه الحالة تقوم بمساعدة الأم البديلة ما تسمى بالخالة.
وأضافت قات: يبقى الأطفال في القرى لعمر الـ14 سنة، وبعدها ينتقلون للعيش في بيوت الشباب والشابات، حيث المشرفون والمشرفات يقدمون الرعاية لهم، وتبقى زياراتهم إلى بيوتهم الأساسية في القرية قائمة متى أرادوا، ويبقوا في بيوت الشباب ليتجاوزا الـثامنة عشر من العمر، وبعدها يدخلون الجامعة، ومن ثم ينتقلون لمرحلة شبه الاستقلال، التي يتم فيها تقديم الدعم المادي والنصائح لهم كي يبدؤوا الاعتماد على أنفسهم من حيث العمل.
خريطة الانتشار
وحول مراكز توزع القرى في سورية قالت قات: توجد لدينا قرية في قدسيا وتضم مائة وعشرون طفلاً، وقرية في الصبورة تضم ثمانون طفلاً، ويوجد قرية في خان العسل بحلب التي كانت سابقاً خارج سيطرة الدولة، وتم استرجاعها بسواعد جيشنا العربي السوري، وهي قرية كبيرة جدا وجميلة، وتحتاج لإعادة ترميم لكي نتمكن من استقبال اولاد جدد، وحين تم إخلاؤها أتينا بأطفالها إلى قرية قدسيا ومعظمهم أصبحوا كبارا حاليا، ويوجد بيوت شباب تحوي خمسين شابا وشابة، وبرنامج رعاية شبه المستقلين للكبار، ويوجد برنامج البيوت المجتمعية التي تمّ افتتاحها حديثا، وهي ضمن المدينة، ونعمل للخروج عن نطاق افتتاح قرى جديدة، لنفتتح منازل مجتمعية ضمن المدينة أو ضمن ريف المدينة، لكي يتمكن الطفل من العيش ضمن بيئة مجتمعية طبيعية، كأن يذهب لمدرسته مشيا، أو يقوم بشراء حاجياته بنفسه، أو أن يلعب مع الأولاد، أي ألا يبقى طفل “sos” بل يكون طفلا طبيعيا كسائر الأولاد.
ليس هذا فحسب بل يوجد مبنى في صحنايا يحتوي ستة شقق، وتمّ استئجار شقتين بجانبه، يحوي ثمانية وخمسين طفلا، كما يوجد ثلاث بيوت في طرطوس تحوي خمسة عشر طفلا، ويوجد مزرعة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يوجد فيها حاليا خمسة عشر طفلا.
وتابعت قات: البرنامج الأشمل هو برنامج تمكين الأسرة الذي يهدف لإبقاء العائلة متماسكة، ولتفادي تفككها في حال الطلاق أو الفقر او العوز الصحي، هنا نقوم بحماية العائلات من التفكك، ونحمي الأطفال من حيث تقديم الرعاية البديلة للأطفال من خلال عائلته البيولوجية، فلدينا ثمانمائة طفل في دمشق وريف دمشق يتلقون الدعم من sos حتى يبقوا مع عائلاتهم.
استجدّ في الآونة الأخيرة
فيما يتعلق بالحجر الصحي لمكافحة فيروس “كورونا” المستجد قالت قات: قمنا باتخاذ تدابير وإجراءات وقائية شتّى، حيث قامت البلديات بتعقيم محيط البيوت مثلا القسم الخارجي، أماكن المشي، الممرات، المكاتب، وسيتم التعقيم داخل البيوت عن طريق شركة خاصة وهناك فريق طبي، عبارة عن شباب متطوعين اسمه “ميدّوس”، سيقوم بمرافقة العملية، بحيث تدخل الشركة الخاصة للتعقيم بنفس الوقت يكون الأطفال خارج البيت، يقوم الفريق الطبي بفحصهم جميعا، بالإضافة لفحص مقدمي الرعاية والأمهات البديلات ويتم التأكد من سلامتهم وخلوّهم من أي مشكلات وبعد ذلك يدخلون البيت، وبعدها البيت الثاني وهكذا دواليك.
ومن ضمن إجراءاتنا أيضا قمنا بحجر الأطفال، أي منعهم من الخروج خارج القرية وعدم الذهاب للمدارس التي علّقت حاليا لإشعار آخر، وكذلك طالت إجراءاتنا المربيّات حيث قمنا بإيقاف كل الإجازات على أن يتم تعويضهم فيما بعد، لكي نضمن عدم تفشي أي فيروس، ليس هذا فحسب و هناك حالات ضرورة يضطر الأخصائيين النفسيين أو المدير للخروج والدخول، يتم تعقيمهم بشكل كامل قبل الدخول.
وأكدت قات: أنه من الناحية الصحية فالأطفال جميعهم بخير وأي حالة رشح أو أي اشتباه يتم زيارة المستشفى للتأكد من سلامتهم وخلّوهم من أي اشتباه، وتتبع المكاتب الوطنية أو المكاتب الادارية للجمعية الاجراءات المتبعة من قبل الحكومة، حيث بات الدوام مقتصر على مدراء الاقسام فقط ولمدة ثلاث ساعات باليوم، وهناك أشخاص يقومون بعملهم من المنزل، والذي لايقدر على العمل من المنزل يأتي لمكتبه للعمل مع اتخاذ كل الاجراءات الخاصة من تعقيم ونظافة، ووزعت الجمعية على كل المكاتب أدوات تنظيف على المداخل والمخارج، كذلك هو حال القرى والبرامج ادوات النظافة.
“sos” السورية هي فرع من الاتحاد الدولي لقرى الأطفال ومقرّه النمسا، وهي منظمة غير حكومية وغير ربحية تعمل لتوفير الرعاية الكاملة والمستمرة للأطفال الأيتام ولأطفال فقدوا ذويهم، من خلال الأسرة البديلة التي تؤمن لهم الحب والأمان لإنشاء جيل سليم عاطفيا ونفسيا واجتماعيا.
ومهما كانت هذه التجرية الإنسانية المميزة التي تقدم من رعاية للأطفال فإنها لا تغنيهم عن العيش بكنف ذويهم ما يحمل الأهل مسؤولية الانتباه لخطورة المشاكل الاسرية والعائلية التي قد تودي تنعكس سلبا على أطفالهم.
البعث ميديا || ليندا تلي