فلاح الغاب يحصد مشكلات وهموم متراكمة والصلاحيات تكبل العمل
البعث ميديا || نجوى عيدة:
يبدو أن قدر الفلاح هو التحدي بشكل دائم ومحاولة التأقلم مع الخسارات المستمرة لمحاصيله على مدار العام, فصعوبات العمل الزراعي التي لاتنتهي والتي لا يعلمها ويشعر بها سوى من غاصت قدماه بالتراب ولفحت شمس الصيف جبينه ووجه، زادتها هذا العام أعباء حصاد القمح الذي يتصدر المشهد، لكن تبوأه الأخبار يأتي من بوابة الكميات المستجرة وسعر الشراء وقدرة الناتج على تغطية الأكتفاء المحلي، أما مايتكبده المزارع من هموم في هذه المرحلة مغيب ومنسي.
وجع الفلاح
أثناء حديث “البعث ميديا” والتواصل مع الفلاحين في سهل الغاب لمسنا الوجع وعدم الرضا من قبلهم على عمليات الحصاد هذا العام, إذ بدأت المعانات مع قلة الحصادات وتحكم سائقيها بالفلاح ولم تنتهي عند أبواب المكاتب المخصصة لاستلام المحصول الذي زادت تكاليف حصاده أضعاف مضاعفة عن العام الماضي، ففي الوقت الذي بلغت كلفة حصاد الدونم الواحد 8000 ليرة عام 2020 قفزت هذا العام إلى 20 ألف ليرة لتصل لـ25 ألف ليرة مع كلفة المازوت والمخصصة بـ 3 ليتر لكل دونم, ومحظوظ من تمكن من الحصول على المادة عبر البطاقة الذكية، فبعض الفلاحين اضطروا لشراء المازوت على حسابهم الشخصي ووصلت كلفة الليتر الواحد 2000 ليرة، كما بلغ سعر أكياس الخيش المخصصة لتعبئة القمح ومادة التبن مابين 800 إلى 2000 ليرة للكيس الواحد، ولم تتوقف القصة عند هذا الحد بل بلغت أيضا تكلفة نقل المحصول من الأرض الزراعية أو المنزل إلى المكاتب مابين 50 إلى 100 ألف، وهذا لم نتحدث عن تحكم سائق الجرار أو الحصادة بالمزارع من جهة تحديد الوقت و المماطلة وغير ذلك، ولأن المفروض من وزارة الزراعة أن تكون الأب الراعي للمزارع ومن واجبها ليس فقط “إرضاء” الفلاح من جهة سعر القمح, كان حريّا بها هذه الفترة تزويد الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب بآليات مخصصة للحصاد ونقل المحصول بأسعار رمزية وتأمين أكياس للقمح عبر جمعيات الفلاحين بسعر منخفض كل هذه الأمور تخفف العبء وتشعر “أبناء الأرض” بأنهم فعلا تحت مظلة المسؤولين خاصة أن المساحات الآمنة المزروعة بالقمح تركزت بمعظمها بسهل الغاب الذي لايزال يفتقر للاهتمام والرعاية إذا مااستثنينا الشعارات الرنانة التي لا تسمن أو تغني من جوع كما ولا ترضي عطش الفلاح الذي ينتظر حصاد تعبه وإيفاء ديونه آخر العام .
دفاع وتبرير
مدير الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب المهندس أوفى وسوف ورداً على هواجس الفلاحين أكد في اتصاله مع “البعث ميديا” أن الحديث عن عزوف بعض الحصادات عن العمل أمر غير دقيق ولم يتقدم أي فلاح بشكوى عن آليات متوقفة عن العمل حتى تاريخه وعلى العكس تماما فسابقا كان يوم الحصاد يبدأ عند الساعة التاسعة صباحا وينتهي عند التاسعة مساءا أما هذا العام فهو يبدأ بتمام الساعة السابعة مساءا وينتهي عند وقت متأخر نتيجة الجفاف وقلة الرطوبة, مبيناً أن هذه الحصادات ملك خاص ليس للهيئة أي علاقة بها وهي لا تملك أي حصادة ضمن منظومة النقل العاملة لديها، وفيما يتعلق بتسعيرة عملية الحصاد أوضح وسوف أن التسعيرة من قبل اللجنة الزراعية الفرعية بمحافظة حماه هو 12 ألف ليرة سوري للتبن و15 ألف ليرة للتبن المشول والهيئة مستعدة للتدخل عند الإبلاغ عن أي مخالفة, ومايتم حاليا هو اتفاق رضائي بين الفلاح ومالكي الحصادة ولا علاقة لهيئة تطوير الغاب بهذا الموضوع، في وقت نوه فيه لخلو منطقة الغاب من أي مركز مخصص لاستلام أكياس الخيش، مشيرا في معرض حديثه إلى أن هيئة تطوير الغاب لا تملك أي دور رقابي على عمل جمعيات الفلاحين التي ينحصر دورها حالياً بتأمين شهادات المنشأ و عمليات تسويق المحصول وقبض ثمنه وتوزيعه على الفلاحين, وعملها يقع ضمن التنظيم الإداري للاتحاد العام للفلاحين وليس لوزارة الزراعة, وعرّج وسوف على قيام الوزارة متمثلة بالهيئة العامة لتطوير الغاب بالتدخل مع الجهات المعنية في المحافظة لتأمين موسم القمح عبر توفير المازوت الزراعي للحصادات والجرارات بواقع 3 ليتر لكل دونم للحصادة الواحدة و10 ليتر للجرار للنقلة الواحدة ولم يسجل حتى تاريخه أي نقص بالمازوت الزراعي فالمادة متوفرة، بالتوازي قامت الهيئة بتأمين الأراضي الزراعية المزروعة بالقمح وصوامع الحبوب من خلال نشر الإطفائيات العاملة لديها في الأراضي الزراعية وعلى كامل مساحة الغاب ومنذ اللحظة الأولى لعمليات الحصاد، كما قامت الهيئة – بحسب مديرها – بعمليات قش وترميم للطرق الزراعية لتخديم الفلاحين وتسهيل وصول الحصادات إليهم، وبتبرير مموه عن تقصير المعنين تجاه الفلاح بفترة الحصاد كان الطقس هو مرمى الهيئة، حيث اعتبر وسوف أن ارتفاع الحرارة هذا العام وانحباس الأمطار خاصة خلال شهر نيسان أدت لنضوج موسم القمح مبكرا وبوقت واحد، بالتالي فأن عمليات الحصاد بدأت دفعة واحدة اعتبارا من 25 /5 الأمر الذي أدى لزيادة الطلب على الحصادات والجرارات بشكل كبير ما أدى لتحكم أصحابها بالفلاحين.
عذر المدير قد يكون بمكانه لكن غياب الإجراءت المسبقة التي كان من الواجب “التسلح” بها قبل موسم الحصاد من قبل وزارة الزراعة لا مبرر لها، وللأسف ثقافة الشكوى بعيدة كل البعد عن الفلاح في الريف الذي يلهث لملئ سلته بالعنب بعيدا عن “مناطحة” الناطور.