صحةمجتمع

سن اليأس.. تداعياته النفسية وعلاجه

رغم أن “سن اليأس” مرحلة طبيعية تمر بها كل النساء عاجلاً أو آجلاً، إلا أنها تشكل هاجساً مخيفاً وكابوساً مرعباً لدى بعضهن، خشية الشيخوخة المبكرة حسب ما يعتقدن، فتتأزم نفسيتهن ويبدأن بالاستعانة بالأدوية لتحسين حالتهن المزاجية ولتخفيف الأعراض النفسية التي يعانين منها.

قلق المستقبل

أوضح الدكتور النفسي نضال نقول أن ما نسميه قلق المستقبل أو الاكتئاب الذي يعاني منه معظم الأشخاص في مراحل العمر المتأخرة، خاصة النساء، سببه التغيرات الهرمونية خلال فترة ما قبل وأثناء انقطاع الطمث بعمر معين، وخاصة بعمر ٤٥ سنة وما بعد، والتغيرات الفيزيولوجية والجسدية الناتجة مثل الخلل بالنواقل العصبية وتغيرات شكل الجسد وقدرات الجسد الوظيفية الذي يؤدي بدوره إلى تغيرات نفسية واضحة.

وصمة عار

كشفت دراسات أن بعض مواقف وبيئات العمل تزيد من شدة أعراض سن اليأس، مثل تفاقم أزمة الهبات الساخنة، وتؤثر على تصورات النساء لشدة الأعراض، فتصير مرهِقة أكثر للائي يعانين من الإحراج الشديد ويحاولن إخفائها خشية الوصم والسخرية. كما كشف مسح للبيانات مع أكثر من 5 آلاف امرأة عاملة في بريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وجنوب أفريقيا عن أن النساء ما زلن يعانين من وصمة العار المرتبطة بسن اليأس في أماكن العمل.

ما قبل الانقطاع

أما عن أهم الأعراض التي تظهر قبل انقطاع الطمث، أوضح “نقول”: بأنها تتمثل بـالاستثارة، الانزعاج لأقل الأسباب، شعور بالتهديد من القادم يتخلله بعض القلق يتطور مع انقطاع الطمث إلى قلق حقيقي وقد يترافق مع بعض نوب الهلع التي تشبه تماماً نوبات ارتفاع الحرارة “الهبات الساخنة” وما يرافقه من تعرق وتوتر عضلي وشعور بالضيق والانزعاج، قلق من المستقبل القادم حيث يسيطر لديها نقص تقدير الذات وضعف الثقة بالنفس، انخفاض بالمزاج، همود نفسي حركي، اضطراب الشهية اضطراب النوم، شرود، وبالتالي تغير في الذاكرة ما يجعلنا نشخص لديها اضطراب المزاج الاكتئابي الذي يستدعي التدخل العلاجي النفسي.

الأكثر تأثراً

وبحسب الطبيب “نقول”، بينت الدراسات أن حوالي 15-25 بالمئة من النساء بسن انقطاع الطمث يعانين من القلق والاكتئاب وهذا طبعا يعتمد على البنية الشخصية للسيدة والعوامل الجينية وتاريخها النفسي السابق وتراكم الضغوط النفسية ومستوى الرفاه النفسي السابق وأيضا إدراك المرأة لذاتها ومراحل التطور النفسي الاجتماعي للإنسان، فنجد أن المرأة التي عانت سابقاً من اضطراب ما حول الطمث سابقاً معرضة أكثر للمعاناة من طمث مبكر أو من حالة نفسية شديدة بعد انقطاع الطمث، والمرأة التي عانت سابقاً من ضغوط نفسية وردود فعل نفسية وعدم استقرار سابقاً قد تكون معرضة أكثر من غيرها.

علاج دوائي نفسي

وحول ماهية العلاج، يوضح الطبيب، حين نرى أن الأعراض النفسية شديدة وبدأت تؤثر على الأداء الوظيفي للمرأة وعلى حياتها اليومية الأدائية والاجتماعية والإهمال الشخصي، بالإضافة إلى الأعراض الجسدية مثل الهبات الساخنة والتعرق والتعب المزمن والآلام الجسدية والتغيرات الجنسية الحاصلة بسبب التغير الهرموني على صعيد الرغبة الجنسية وصعوبات العلاقة الجنسية، فهذا يستدعي التدخل العلاجي الهرموني بالإضافة للعلاج النفسي الدوائي وجلسات العلاج السلوكي المعرفي أو غيره. دوائياً، هناك بعض مضادات الاكتئاب التي تساعد في تحسين الأعراض النفسية، ولها دور في تخفيف الأعراض الجسدية “الهبات الساخنة” وما يرافقها طبعاً بالمشاركة مع المعالجة الهرمونية التي تساعد في تنظيم الهرمونات، حسب ما أكد “نقول”.

تثقيف نفسي

يؤكد الطبيب على أهمية التثقيف النفسي للمرأة حول انقطاع الطمث وتأثيراته وكيفية العلاج واتباع بعض النصائح مثل الاعتناء بالرعاية الذاتية من خلال الاهتمام بالأطعمة المناسبة والحفاظ على راتب غذائي جيد يقيها من ترقق العظام وفقر الدم، إضافة إلى المشي يومياً نصف ساعة على الأقل أو ٤٥ دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً، مع أهمية الرياضة، والنوم عدد ساعات مناسبة، والنشاطات الاجتماعية المسلية والهادفة، والاهتمام بالنشاطات الذهنية المناسبة، تقبل الذات، تعلم استراتيجيات التكيف مع الضغوط، التعبير عن المشاعر وتقبلها، والمتابعة الطبية المناسبة بشكل دوري.

خلاصة

رغم كل التطور العلمي والمعرفي الذي وصلنا إليه إلا أن مستوى الوعي والتثقيف حول سن اليأس أو “انقطاع الطمث” للنساء مازال في حدوده الدنيا، لذا نؤكد على رأي الطبيب نقول بضرورة التثقيف النفسي كي تتمكن المرأة من التكيف مع الحالة الطبيعية التي يفترض أن جلّ النساء مرت أو ستمر بها.

 

البعث ميديا|| ليندا تلي