ثقافة وفن

مسرح حلب يحتفي بالراحلين والمعاصرين والشباب

حلب-غالية خوجة
هل ما زالت للمسرح بهجته في إعادة صياغة الحياة؟
هذا ما يجينا عنه يوم المسرح العالمي (27) آذار من كل عام منذ 1961، ليعود زخم المسرح إلى منصاته وقاعاته في كافة أرجاء الأرض، وهذا ما تحتفل به سورية، وحلب، التي أجابتنا من خلال 3 مسرحيات عرضت بمناسبة اليوم العالمي للمسرح: (المسكينة/ دراما الشحادين)، والثالثة (فوق هذا المستطيل وقع حادث/ بتأريخ 28 آذار).
معرض وثائقي تحية للأديب وليد إخلاصي
احتفلت نقابة الفنانين برعاية أحمد منصور أمين فرع حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي، ببرنامج مؤلف من 4 فقرات، بدأت بمعرض توثيقي كان بمثابة تحية للأديب وليد إخلاصي، لخص مسيرة حياته مع الأدب والأدباء والمسرح والمسرحيين والفنانين، كما عرض على جدارية خاصة وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى الذي ناله مع كل من الشاعرين سليمان العيسى ومحمد الماغوط.
افتتح المعرض الرفيق عماد غضبان رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام بفرع حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي، والمطرب محسن غازي نقيب الفنانين السوريين، والرفيقة ذكرى حجار عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة حلب، والفنان الموسيقار هادي بقدونس، والموسيقار عبد الحليم حريري نقيب الفنانين بحلب، وكمال حريري عضو مجلس النقابة، وجابر الساجور مدير الثقافة، ومحمد حجازي مدير المسرح القومي، وعدد من الشخصيات الرسمية والفنية والثقافية.
محسن غازي: لا وساطة في المسرح
وقبل الاحتفالية بيوم المسرح العالمي، سألت “البعث” محسن غازي عن مستقبل المسرح لا سيما الكتابة المسرحية؟ فأجاب: هذا اليوم تحتفي فيه جميع الدول بالمسرح الذي يبني الشعوب ويقدم همومهم وآمالهم، ومعروف أن المسرح لا وساطة فيه لأنه يتعامل مباشرة مع الجمهور، وفي بلدي الحبيب، أقول للجميع: كل عام وأنتم بخير، وأؤكد بأن المسرح متكامل مع الحياة، والمسرح الحقيقي يحتاج إلى دعم فني وجمالي وحياتي ومادي أيضاً، ولا بد من مصدر دخل للفنان والكاتب ليتفرغ للإبداع
كلمة سيلرز والفنانين
قدم للحفل الفنان غسان دهبي مفتتحاً بجملة “نحن محكومون بالأمل/سعد الله ونوس”، ثم قرأ كلمات شفافة معتقة بالحب:”خبز وماء وهواء، في المسرح تتداخل الأرواح، يصبح الجميع –”فنانون وكتاب وعمال ومصممون وجمهور”-أصدقاء أزليين، كم يتقاطع المسرح مع الحياة مع الوطن.
بينما قرأ الفنان أسامة عكام رسالة يوم المسرح العالمي التي كتبها لاحتفالية هذا العام الفنان الأمريكي بيتر سيلرز، كما قدم عبد الحليم حريري كلمة الفنان مشيراً إلى المسرح كأقدم الفنون التي بدأت من الترفيه وتطورت إلى الفعل والعمل الهادف للتأثير في المجتمع، وها هو حاضر بيننا، من خلال الشباب الذين يضيئون هذا الفضاء.
تكريم الفنانين الراحلين والمعاصرين
ثم تكريم فناني حلب بفيلم وثائقي تأريخي مستذكراً الفنانين الراحلين منذ أول مسرحية عرضت عام 1872، ومنهم نذكر: جمال مكانسي، عهد فنري، عمر حجو، كريكور كلش، عبد السلام كنيفاتي، علي مدراتي، سعيد ماوردي، خليل حداد، مروان إدلبي، وصال طحان، رضوان إدلبي، صباح فخري، زهير رمضان، وليد إخلاصي.
كما تم تكريم الزملاء الفنانين سندس ماوردي، عمار جراح، هوري بصمه جيان التي أخبرت “البعث” بأنها تنسى ذاتها مع المسرح وعملها ولا تنتظر تكريماً، لكنها فوجئت بهذا التكريم الذي جعلها سعيدة.
“دراما الشحادين” لا للفوقية
ثم عرضت مسرحية “دراما الشحادين” الفائزة بجائزة أفضل عرض متكامل ضمن المهرجان المسرحي الشبيبي بدورته 32، وهي من تأليف بدر محارب، وإخراج فادي محمد السعيد، وتحكي يوميات شخصيات تمتهن الفقر، وكيف على المجتمع ألاّ يعاملهم بفوقية كونهم كادحين ومهمشين، والملفت بين المتلقين والحضور وصول سيدتين متأخرتين، سألت إحداهما الأخرى: أين الحفلة؟ فأجابتها الثانية يبدو أنها مسرحية واسمها دراما الشحادين، فردت وهي خارجة: “ناقصنا شحادين كمان”!
المسكينة وحكايات أخرى
يلاحظ الحضور كيف احتفت صالة معاوية بمعرض تشكيلي نحتي للفنان عبد القادر منافيخي وهو يعطي الخامات ملامحها التعبيرية والرمزية وتشكيلاتها الخطية، ثم تتوالى لوحات الرقص الفلكلوري، بين الرقص العربي التراثي للشباب، ورقص السماح للبنات.
وترتفع الستارة عن مسرحية من تأليف أنطوان تشيخوف من إعداد وإخراج أحمد الفارس العلي “المسكينة وحكايات أخرى”، وهو العرض الذي تقدمه وزارة التربية-دائرة المسرح المدرسي، والمشارك بمسابقة يوم المسرح العالمي بوزارة التربية لعام2022.
وتميز العرض بموهبة المشاركين فيه، وأداء الممثلين الشباب المتنوع بين الجدية والهزلية الهادفة، إضافة إلى اللغة العربية، كما أن الموسيقا الروسية كخلفية للمشاهد أضافت حركة تنشيطية للممثلين والحضور، وانتسجت مع السينوغرافيا بتناغمية ملفتة لا سيما أن الديكور والإضاءة والملابس أكملت اللوحات المشهدية التي اعتمد مخرجها على القطع والوصل، مما جعلها لوحات بانورامية متسلسلة ومشوقة، حكت قصصها عن أناس من حياتنا لا سيما تلك المسكينة التي بدأت تنتبه لحقوقها وتطالب بها تدريجياً.
وهذا المسرح الشبابي يجعلنا نستبشر بإيقاعات جديدة تبدأ مع استعادة المسرح حيويته وأزهاره القادمة، آملين أن لا يكون في صفوف الجمهور من يحضر ليشاغب غير مدرك أنه يحضر عرضاً مسرحياً، وهذا ما حاول أن يفعله المخرج جمال خلو المشرف على هذه الفعالية بلطف مع الحضور