ثقافة وفن

التّكرار في الدراما لا يعلّم بل يضيّع الفرص!!

لعلّ من الصّفات التي من الممكن أن نصف بها الموسم الدّرامي الرّمضاني لهذا العام، هي التّكرار.. تكرار الممثلين، ففي الوقت الذي يشارك فيه ممثل بأكثر من عمل، يشتكي آخرون من قلّة العمل والشّللية والضّيق المادّي لدرجة أنّه لا يمكنه شراء أدويته الشّهرية أو دفع أجرة منزل لا يملكه ربّما بسبب نزوحه منه خلال الحرب وما تبعها من ظروف اقتصادية صعبة أو لعدم تمكّنه من شرائه لا قبلها ولا بعدها للسّبب ذاته “قلّة الطّلب”.

وإن أردنا الحديث بالأسباب أو البحث فيها، سنجد الشّللية أوّلها ومن ثمّ تعوّد بعض المخرجين على ممثلين بعينهم حتّى ولو سبّب لهم هذا انتقادات لاذعة وحتّى لو لم يؤدّي الممثل الدّور المطلوب منه جيداً، بينما يعزي بعض المخرجين تكرارهم لممثلين دون غيرهم إلى أنّ بعض الممثلين هم لا يريدون العمل وإلى أنّ بعض الأدوار لا تصلح إلّا لهذا الممثل ولا يمكن لغيره أن يؤدّيه، مع العلم أنّ هناك ممثلين من شدّة تمكنّهم وقوّة أدائهم هم قادرون على لعب أي شخصية تعرض عليهم.

وعلى الرّغم من ذلك لابدّ من طرح الأسئلة التي تجول في الذّهن، والتي أوّلها: لماذا هذا الإصرار على فنانين دون غيرهم؟ هل هو لترسيخ الشّخص أم الفكرة؟ وهل خلت سورية من فنانين مخضرمين قادرين على أداء ما يطلب منهم وأكثر؟ ألم يكن الأجدر بالمعنيين توزيع هذه الأدوار بالتّساوي على الممثلين سواء في شهر رمضان أم غيره، وبالتّالي توفير الضّياع على المشاهد والفنّان ذاته وتوفير فرص عمل للبقية؟.

وسنذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر بعض الفنانين الذي ظهروا في أكثر من عمل وبشخصيات متشابهة إلى حدّ ما، والبداية مع الفنّان فايز قزق الذي يشارك في العمل الاجتماعي “كسر عضم” للمخرجة رشا شربتجي وتأليف علي معين الصّالح، ويؤدّي فيه دور “الحكم أبو ريان” رجل متسلّط يستغل عمل ابنه في المجال ذاته من أجل تسهيل عمليات تهريب لرجال مثله فاسدين تنتهي إحداها بمقتل العميد طلال ـ تامر العربيد ـ وعدد من زملائه، لكن تبقى أكبر جريمة يرتكبها هي التّسبب بانتحار ابنه الذي لم يرغب بأن يكون مثله، وفي الوقت ذاته نشاهده قزق في العمل الاجتماعي “مع وقف التّنفيذ” للمخرج سيف سبيعي وتأليف كلّ من علي وجيه ويامن الحجلي، وفيه يؤدّي دور “أديب” رجلٍ متسلّط أيضاً يستغل زوجته “سلاف فواخرجي” في تمرير قضايا فساد كبيرة وعمليات شراء وبيع عقارات ويصل فيه الأمر إلى قتل صحفي فقط لأنّه أراد إثارة هذه القضايا في الإعلام، وهنا أيضاً يمارس تسلّطه في الأسرة ويمنعها من إنجاب الأطفال بحجة أنّ لديه أبناء ولا يرغب بأن يحمل طفلاً صغيراً وهو في سنّ السّتين، وعلى الرّغم من كونها وكما يقال كالخاتم بإصبعه لا يتردد بضربها أو إهانتها أو شتمها إن خالفت رأيه أو أخطأت في عملية ما.

ومثله، نشاهد الفنانة نادين خوري في أكثر من عمل، فهي “أم ريان” في العمل الاجتماعي “كسر عضم” الأمّ التي تفجع بابنها وهو في عزّ الشباب بسبب تسلّط والده وفساده، وفي العمل الاجتماعي الآخر “على قيد الحبّ” للمخرج باسم السّلكا وتأليف فادي قوشقجي هي “ماجدة” الأمّ التي تحرص دائماً على حلّ مشكلات عائلتها بالحوار والتّفاهم والاستيعاب، كذلك الأمر في “مع وقف التّنفيذ” تجسّد شخصية “سناء”، وفي عمل البيئة الشّامية “بروكار2” للمخرج محمد زهير رجب وتأليف الرّاحل سمير هزيم تستمر بأداء شخصيّتها في الجزء الأوّل الدّكتورة “أنطوانيت”، وكذلك الحال في “حارة القبة2” تؤدّي شخصية “أم ليلى” السّيدة التي تحرص على منع الظّلم في قصر غازي بيك، وهو أيضاً عمل بيئة شامية للمخرجة رشا شربتجي وتأليف أسامة كوكش.

وفي عمل الفانتازيا التّاريخي “ذئاب الليل أو فرسان الظّلام” للمخرج سامي الجنادي وتأليف هاني السّعدي، تشارك خوري بدور “أم زيد”.

بقي أن نسأل سؤالنا الأخير: هل يظنّ بعض المعنيين أنّ التّكرار في الدّراما يعلّم؟ إن كانوا يظنّون ذلك، فها نحن نخبرهم بأنّ هذا يتسبب بضياع المشاهد والفنّان ذاته ويلعب دوراً سلبياً في حفظ الشّخصية وتقييم أدائها وربّما في متابعتها.

نجوى صليبه