ثقافة وفن

أمثلة في الكاريكاتور العربي

تسجل لبدايات القرن الماضي نقطة مهمة، إذ حفلت تلك المرحلة بولادة العديد من الدوريات التي واكبت وواجهت التحديات المحدقة بالناس، وسلطت الضوء على منابع الداء والدواء معاً، وبعض مظاهر الفتك التي تعترض مجتمعاتنا، ناهيك بالدور الكبير الذي لعبه الكاريكاتور المرافق للنصوص الساخرة، والتعامل مع التفاصيل بلغة شجاعة، منبثقة من الحالة العامة..

أما الآن، فقد خلت الساحة العربية من الإصدارات الكاريكاتورية المستقلة، فصدرت مجلات وصحف، ولكن الكاريكاتور كان فيها مرافقاً، فلم تتفرد مجلة أو جريدة برسوم أو مواد كاريكاتورية فنية خالصة، ولو أخذنا مجلة “كاريكاتير” المصرية التي كانت تصدر عن الجمعية المصرية للكاريكاتور مثالاً، وأردنا فرد صفحاتها، لوجدنا أنها مجلة تضم نخبة من الكتاب الساخرين الذي أثروا في الحراك الثقافي، يضاف إلى ذلك استقطاب أسماء كاريكاتورية ساهمت في تحقيق الوظيفة الجمالية للمجلة، ولكنها -أي المجلة- غابت عنها خصوصية المجلات الكاريكاتورية، على عكس ما قدمته مجلة النضَّارة “Quevedos” الإسبانية ومجلة “كيهان كاريكاتور الإيرانية”..إلخ!

أرقام وحروف..!

لو دخلنا في حسابات الأرقام والحروف، لخرجنا بألف صفر، ولأفقدنا الكاريكاتور بريقه على الرغم من انتشاره الواسع في العالم وسرعة وصوله إلى المتلقي.
ولم يعزز فنان الكاريكاتور العربي وجوده وسلطته، بل على العكس جرفه تيار الأنا.. وفقد البارومتر الذي تقاس به درجات الظلم والاضطهاد.. ومنهم من نفخ في غير ضرم كما يقول المثل..!
و”ديكارتيّة” الحال تقول (أنا أفكّر، إذن، أنا موجوع)..!
والمشكلة تكمن في التعليب الممنهج والانحياز العاطفي، إضافة إلى الاصطفاف السياسي غير العقلاني وغير المدروس في مطابخ الصحافة بتصاميمها الملونة وديكوراتها المختلفة.

الفنجان المقلوب..!

يترجم قارئ الكاريكاتور الوقائع عن طريق مشاركته في القراءة الصحيحة، وتفكيك الخطوط، ثم إعادة بنائها بمنظور يختلف من شخص لآخر، ليخلق معادلة المعايشة الجمالية البناءة.. وليؤكد الوظيفة الأساسية للكاريكاتور في فتح الأبواب المغلقة..!
ويبقى الكاريكاتور من المهن النادرة في إطار عملية ثورية على حدّ تعبير جان بول سارتر:”الثقافة الحقة هي الثورة”.
فمتى نشهد كاريكاتوراً عربياً متميزاً، ونستنبط مفاهيم جديدة تواكب وتجاري دون التلطّي خلف مقولة لم أر، لم أقل، لم أسمع، خوفاً من المجهول.. وهل سيبقى الكاريكاتور العربي يتأمل الفنجان المقلوب..؟!

رائد خليل