ثقافة وفن

باسل خياط.. وأداء النسخة لا الشخصية في “الثمن”

 

واحدة من الآثار السلبية، التي بدأت تظهر كآثار جانبية لعقار “الدراما التلفزيونية السياحية”، أو الدراما النُسخ المكررة، هي التراجع الواضح لأداء الممثلين السوريين، بعد أن صارت هذه الأعمال هي المفضلة لديهم، والسبب مادي معروف.

هذا ما بدا واضحاً على أداء النجم السوري باسل خياط، الذي يؤدي شخصية “زين” في مسلسل “الثمن” الذي يشاهده الجمهور حالياً، بعد أن انطلق عرضه منذ أيام، وهو النسخة العربية من الدراما التركية “ويبقى الحب”، بعد أن ظهر خياط بأداء رجعي، يستحضر  أو يحاول أن يجمع، بين الأداء الذي قدمه في مسلسل “الإخوة” 2014، وهو أيضاً بالمناسبة، النسخة العربية، من المسلسل التشيلي “Hijos Del Monte” مع “تاتش” من أدائه في مسلسل “تانغو” 2018، وهو –أي الأداء- بالأساس مستعار من الشخصية التي قدمها في “العراب” وهي شخصية رسم مفاتيحها المخرج العبقري الراحل “حاتم علي” بما يناسب الدور، لا الممثل، وما فعله أي مخرج عمل خياط تحت إدارته بعدها، هو رسم أداء يناسب النجم/البراند/العارض، أولاً، لا الدور، الذي كُتب بالأساس له!

ويكفي أن نستحضر أياً من الشخصيات، التي قدمها الفنان باسل خياط، في الدراما المحلية، حتى نرى الفروق الكبيرة ليس في الأداء فقط، بل في منطق الاشتغال الفني على الشخصية، وفي فهمها أيضاً وفهم أبعادها، ماضيها، حاضرها، تفاصيلها من الأبسط فالأعقد، ليس من باب المقارنة بين الأداء هنا وهناك، بل من باب محاولة معرفة الآثار الجانبية التالية، التي ستظهر، بعد هذا الأثر الخطير، والمتمثل في تدني مستوى الأداء لدى الممثل السوري _المعروف بكونه من أمهر الممثلين في العالم العربي، سمعة ومكانة وصل إليها، بعد دراسة شاقة في الأكاديمية السورية لفن التمثيل _ بسبب الدراما المسلوقة إبداعياً، المسحوبة الدسم فنياً، المعطوبة فكرياً، التي تحتل الشاشات العربية، منذ أكثر من عقد.

واحدة من أسباب هذا التراجع، سببه عمليات التجميل، التي يجريها نجوم التمثيل، ليبقوا مطلوبين في تلك الدراما، والتي تريد فعلياً “عارض” لا “ممثل”، فلا يجوز أن “تتجعلك” سترة البطل، ولا يجوز أن يصحو من النوم وتسريحته لا سمح الله “منزوعة”، ويجب ألا تظهر “تجعيدة” على جبين البطل، إلا إذا كانت موضة رائجة بين المراهقات، ومن المعروف أن عمليات التجميل، تنسف الفروق الدقيقة في الملامح، والتي من شأن الممثل الجيد، أن يدرب عضلات وجهه، ويكيفها، لتصبح أكثر ملاءمة لأي أداء قادم، بغض النظر عن نوعه، لأن الاعتماد في الدراما التلفزيونية، على تعبير الوجه، في الانفعال ورد الفعل، أكثر من الحركة، على عكس المسرح، الذي يعتمد على الجسد، الحركة، ولأن عدسة الكاميرا، هي عين المشاهد، فسوف لن يفوته أن تغيير مظهر الشخصية، -وهو ما يتم اللجوء إليه في دراما النسخ- لا يعني تغيير أدائها، فوضع شعر مستعار، أو تغيير لون الصبغة المستخدمة، لتكون مختلفة عن لون الصبغة التي ظهر فيها، لن يجعل الأداء أفضل، أو على الأقل، خاصاً بالشخصية المقدمة، لا بالممثل، وبـ “اللوك” الرائج!

ورغم أن التراجع في مستوى الأداء التمثيلي، ليس وقفاً على خياط فقط، فمثلاً شاهدنا الأداء الضعيف الذي ظهرت فيه النجمة كاريس بشار، في نسخة “ستليتو” مقارنة بأعمالها السابقة، إلا أن خياط ومن بعده قصي خولي “وهما من دفعة واحدة” كانا من أوائل الممثلين المحليين النجوم، الذين ظهرت عليهم بوادر تدني مستوى الأداء، ثم انحداره إلى التكرار، حتى الفنان عبد النعم عمايري، وهو صاحب تكنيك بارع في الأداء، لوحظ عليه شيء من هذا، في بعض أعماله التي قدمها في الفترة الأخيرة.

كنا تحدثنا منذ أكثر من عقد، عن الأثر الرجعي الذي سيتركه “الدوبلاج” على الصناعة الدرامية المحلية، وكم ترك من آثار! واليوم لا بد من القول، إن الدراما التلفزيونية السياحية، المستنسخة، تهدد بهدم ركن “الأداء” وهو الأهم في الدراما التلفزيونية، وفي غيرها بطبيعة الحال من الدراما، وهذا الركن، هو الذي استند إليه الممثل السوري، ليصير صاحب سمعة فنية عابرة للحدود، ودونه، لن يكون ثمة فرق في المستقبل، بين هذا الممثل أو ذاك، كلهم صناعة مشافي التجميل وعيادات “البقاء على قيد النجومية”!

 

تمّام بركات