سلايدسورية

الرئيس الأسد: الحرب على سورية أثبتت أن الغرب لن يتغير وكل ما يفعله يتناقض مع مبادئه الإنسانية المزيفة

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الحرب على سورية أثبتت أن الغرب لن يتغير فهو يسعى لتحويل الدول الأخرى إلى دول تابعة له تلبي متطلباته، ولو كان على حساب مصالحها، مشيراً إلى أن الشيء ذاته يتكرر اليوم في روسيا التي كان تقسيمها وإضعافها هدفاً غربياً عمره “300” عام ولم تبدأ المشكلة بموضوع أوكرانيا أو جزيرة القرم.

ولفت الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة “روسيا 1” إلى أن كل ما فعله الغرب وكل ما قام به هو عكس ما يتحدثون به من مبادئ إنسانية مزيفة، فهم بارعون فقط بتصدير المصطلحات التي وضعوا لها مضموناً بطريقتهم، وجزء كبير من العالم صدقها، موضحاً أن الحرية مصطلح جميل لكن يمكن أن تكون هذه الحرية هي حرية الإنسان في أن يقتل الآخرين، وأن يخرب وأن يقوم بكل شيء سيئ، وبمعنى مشابه الديمقراطية فبالنسبة للغرب هي أن تكون عميلاً لهم لتصنف لديهم بأنك ديمقراطي.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

سؤال: سيادة الرئيس، نهاركم سعيد، شكراً لإتاحة اللقاء لنا معكم مباشرة، دور كبير تلعبه العلاقات ليس فقط بين الدول والشعوب بل أيضاً بين الرؤساء.. كيف هي العلاقة بين سيادتك والرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟

الرئيس الأسد: أنا التقيت بالرئيس فلاديمير بوتين أول مرة عام 2005، يعني تقريباً قبل 18 عاماً، نفس اللغة التي تحدثنا فيها في ذلك الوقت تحدثنا بها أمس، لماذا العالم تغير؟ تغير عدة مرات على الساحة الدولية والإقليمية، وضع روسيا الداخلي.. الخارجي.. وسورية، هذا يعتمد على شيئين، أولاً طبيعة الشخص الرئيس بوتين وأنا، نحن أشخاص واضحون صريحون باللغة الخاصة وباللغة المعلنة، ولكن أعتقد هناك نقطة وهي أهم، ما هي القاعدة الثقافية التي يرتكز إليها كل منا؟ أعتقد بأن هناك ثقافة روسية بعيدة عن ثقافة الاستعمار، بعيدة عن ثقافة الاستعلاء والغرور واحترام الآخرين، هذه ثقافة شعبية، عندما تنعكس هذه الثقافة الشعبية في العمل السياسي فدائماً سيكون هناك استقرار في العلاقة، سيكون هناك ثقة وسيكون هناك احترام، ولكي أتحدث بشكل عملي، نحن دولة صغرى بالمعنى الجغرافي بالمعنى الاقتصادي، قد يكون لنا أهمية خاصة في منطقتنا بسبب الدور التاريخي، ولكننا لسنا دولة عظمى، لم نشعر في يوم من الأيام حتى عندما كنا نتعامل مع الاتحاد السوفييتي بأننا نتعامل مع دولة تختلف عنا، هنا يكمن الدور الثقافي لذلك الجانب الآخر الذي يصب في نفس الاتجاه، أن الدول الغربية تسعى في علاقاتها مع الدول الأخرى التي هي أصغر أو أضعف أن تحول هذه الدول إلى دول تابعة تلبي متطلباتها ولو كان على حساب مصالحها، بينما العلاقة بيننا وبين روسيا أو الاتحاد السوفييتي سابقاً هي أنهم يبحثون عن أصدقاء، والصديق لكي يكون مفيداً لك يجب أن يكون قوياً وليس ضعيفاً، فإذاً المنطق الروسي هو مناقض تماماً للمنطق الغربي، وهنا يكمن الفرق في العلاقة بين سورية والغرب وسورية وروسيا، هنا تستطيع أن تفهم العلاقة بيني وبين الرئيس بوتين تنطلق من هذه الصورة الكبيرة، من الصورة القديمة التي عمرها الآن حوالي سبعة عقود.

سؤال: هذا شيء جميل، في غضون ذلك، يقول الغربيون (أمريكا والناتو) سنأتي بالحرية والازدهار والديمقراطية، هناك شعور أنهم يحاولون تحرير الشعب السوري من النفط السوري، لا يفعلون أي شيء آخر، في الزلزال… هل يساعدون بأي شكل من الأشكال؟ أعلن الأمريكيون بشكل مضحك أنهم إذا قدموا المساعدات فستذهب للنظام وليس للناس في سورية، عندما كنت في حلب رأيت الناس الذين يحتاجون للمساعدة ، ولكن لم أر هناك لا الأمريكيين ولا الناتويين، ماذا تفعل أمريكا والناتو على الأراضي السورية؟ من يساعدون؟

الرئيس الأسد: يعني، الجواب موجود في قلب السؤال، ماذا فعلوا؟؟. كل ما قاموا به هو عكس ما يتحدثون به من مبادئ إنسانية مزيفة، أعتقد أن براعة الغرب هي أنهم أعطونا مصطلحات، ولكن وضعوا مضموناً لهذه المصطلحات بطريقتهم، وجزء كبير من العالم صدق هذه المصطلحات، فمصطلح الحرية مصطلح جميل لكن يمكن أن تكون الحرية هي حرية الإنسان في أن يقتل الآخرين، حرية الإنسان في أن يخرب الحرية أن يقوم بكل شيء سيئ، فهذا المصطلح الجميل يمكن أن يكون له مضمون قبيح، نفس الشيء الديمقراطية، الديمقراطية هي مشاركة أكبر عدد من الناس في القرار الوطني، بالنسبة لهم الديمقراطية هي لك حرية وحيدة فقط أن تقبل بمفاهيم الليبرالية الحديثة التي يريدون أن يفرضوها عليك، هذه هي الديمقراطية أن تقبل بما يريدون، الديمقراطية هي أن تكون عميلاً لهم عندها ستصنف بأنك ديمقراطي، فإذاً المصطلحات الغربية هي مصطلحات زائفة، السياسة الغربية مبنية على الكذب وعلى الخداع، في أفضل الدول الغربية إن كنت صادقاً ربما تخرج من السياسة، فإذاً علينا ألا نضيع الوقت أولاً في المصطلحات، يجب أن نحدد هذه المصطلحات بالطريقة التي تناسبنا كشعوب أخرى لا تشبه الغرب، والغرب اليوم هو أقلية وليس أكثرية، أغلب دول العالم هي ليست غرباً فلماذا نتبع الغرب لماذا لا نتبع مصطلحاتنا ومصالحنا ورؤانا؟ لماذا نقوم بالقياس على الغرب لماذا الغرب هو المرجعية؟ هذا يدل على عقدة نقص، الغرب متوحش.. كيف بنى الغرب حضارته؟ سرق الأموال من أمريكا التي اكتشفها من 600 عام، وبهذه الأموال قام ببناء التكنولوجيا واستخدمها لاستعباد الشعوب، لم يقم هو ببناء أمواله بنفسه، الآن يفعل نفس الشيء بعد 600 عام فهل نتبع الغرب؟ هذا خطأ، أعتقد بأن هناك الآن وعياً متزايداً في العالم بأن السياسة الغربية ستؤدي إلى شيء وحيد هو تدمير البشرية وتدمير الحضارة، وهي التي ستدمر الإنسانية وهم يقومون بهذا الشيء الآن وتدمير الثقافة الحقيقية، لذلك قلت أنا في البداية إن الجواب على سؤالك موجود في السؤال، إنهم يقومون بالقتل والخداع إذا كان هناك زلزال فهو فرصة لهم، أن يكون هذا الزلزال حرباً جيولوجية على الشعب السوري بدلاً من أن تكون حرباً عسكرية النتيجة واحدة، هم سعداء لم يكونوا غاضبين من الزلزال، هذه حقيقة يجب أن أتحدث بصراحة.

سؤال: “الشيطنة” في سورية بدأت منذ سنوات عدة.. لكن في روسيا هذه السنة الأولى.. ماذا يجب علينا أن نتعلم من خبرة سورية في مواجهة هذا الكذب العالمي؟

الرئيس الأسد: لدينا ولديكم تجربة طويلة ولكن البعض لا يراها، من الخطأ أن نعتقد أن مشكلة روسيا مع الغرب بدأت بموضوع أوكرانيا أو بموضوع جزيرة القرم، مشكلتهم مع روسيا عمرها 300 عام من أيام بطرس الأكبر، والمطلوب من روسيا أن تكون دولة تابعة صغيرة ضعيفة، هذا طلب أكيد، البعض في روسيا راهن على الغرب، أعتقد أن روسيا عندما تتنازل للغرب لن تكون مرتاحة، ما الذي حصل؟ حصلت حرب الشيشان الأولى وحصلت حرب الشيشان الثانية، وعمليات إرهابية بدعم غربي، الغرب هو الذي يدعم الإرهاب ودخلوا إلى مدرسة بيسلان وقتلوا الأطفال، ودخلوا إلى المسرح وخطفوا رهائن إلى آخره، والإرهاب لا يزال يحاول أن يدخل إلى روسيا، فإذاً هدف تقسيم روسيا وإضعاف روسيا هو هدف غربي دائم عمره 300 عام، إذا لم تكن 300 عام كافية لتعليم الدرس فهناك مشكلة كبيرة، نفس الشيء بالنسبة لنا في سورية الدول الغربية هي التي استعمرت منطقتنا سواء كانت بريطانيا وفرنسا بشكل أساسي أو الآن أمريكا تحتل أراضي سورية، لم يتغيروا لم تتغير السياسة، بعد خروجهم لم يتغيروا حتى في مفاوضاتهم الاقتصادية، هم يهدفون لشيء واحد، وأنا أتحدث عن اتفاقية الشراكة الأوروبية مع الدول العربية كنا نفاوض كانوا يريدون أن يأخذوا كل شيء من سورية ويقدموا لها الشيء البسيط، يعني ضد مصلحتنا فرفضنا التوقيع، وأثبتت الحرب على سورية بأن الغرب لن يتغير فإذاً سؤالك ماذا يجب أن نفعل؟ يجب أن نكون أقوياء فقط، أنت تعيش في غابة، الأقوى في الغابة هو يأكل الآخرين، لا يوجد قانون دولي هو على الورق، لا توجد مؤسسات تحمي القانون الدولي، يوجد الناتو هل الناتو هو أداة لصالح القانون الدولي؟ لا، فإذاً إن لم تكونوا أقوياء وإن لم نكن أقوياء، لا أحد سيقول لك لماذا خسرت؟ أن تقول لهم كنا لطيفين لن يحترمك أحد، أنت في عالم الأقوياء هذا هو الحل الوحيد، كنت أتمنى أن أقول لك إن هناك حلولاً أخرى ولكن سأخدعك في مثل هذا الكلام.

سؤال: الجندي الروسي في كل مرة يتعرض لحملات الكذب.. الآن، الغرب يقول إن الجندي الروسي يخطف الناس ويسرق.. أنا سألت الناس في سورية.. ها قد جاء الروس.. هل أهانوكم؟.. نظروا إلي باستغراب.. لكن الغرب يواصل الكذب.. ماذا رأى الشعب السوري من الجندي الروسي.. وكيف يرى هذا الشعب المواطنين الروس؟

الرئيس الأسد: أيضاً لا نستطيع أن نبدأ بهذه النظرة من مجيء القوات الروسية في عام 2015، نحن وأنتم لدينا عائلات مشتركة عمرها أكثر من 60 عاماً، الآن لدينا الكثير من الأبناء السوريين من أب أو أم مشتركين، لم يكن من الممكن لهذه العائلات أن تتواجد وتستمر في الحرب لو لم يكن هناك تقارب في الطباع، أنتم شرقيون ونحن شرقيون هذا شيء مشترك، الكنيسة الروسية لديها علاقات تاريخية مع الكنيسة السورية عندما كانت الكنيسة في سورية هي بطركية وكانت في روسيا في ذلك الوقت مطرانية، وكان هناك دعم متبادل بينهما، فإذاً هناك شيء ثقافي اجتماعي مشترك لم ينشأ من لا شيء، لا يوجد أحد فينا إلا واحتك بعائلات مشتركة في سورية موجودة في كل مكان وعددها بعشرات الآلاف والبعض منها في روسيا والبعض منها في سورية، فإذاً هذه العلاقة لم تبدأ من لا شيء هذا من جانب، الجانب الآخر العلاقات بين الدولتين وعمرها حوالي سبعة عقود أو أكثر عززت الكثير من هذه العلاقة خاصة على المستوى العسكري، فالخبراء الروس كانوا موجودين على مدى عقود في مختلف التشكيلات السورية، وبالتالي هذا الاحتكاك موجود عندما أتت القوات الروسية في عام 2015 لم يكن هناك أي شيء غريب سوى أن هذه العلاقة أصبحت أكثر انتشاراً، وكما قلت في السؤال الأول لأن الطبيعة الثقافية متشابهة عادة في مثل هذه الحالات، يحصل الكثير من المشاكل الصغيرة اليومية التي تتراكم بحكم اختلاف الثقافات، لكن حتى هذا الشيء لم يكن ظاهراً، من هذه الناحية النظرة واضحة بالنسبة للشعب السوري بأن هذا الشعب أهم شيء يركز عليه هو الشعب المتواضع الذي ليس لديه استعلاء على الآخرين، أما من الناحية الأخرى خاصة بعد بدء الحرب وانتشار الإرهاب وخسارة الكثير من معظم العائلات السورية،خسرت أفراداً بسبب الإرهاب، بالنسبة لهم هذا الجندي الروسي أتى لكي ينقذ سورية من حرب شرسة تشبه حرب أوكرانيا، لأن حرب أوكرانيا فيها الناتو وكل الدول الحليفة لتهزم روسيا، والحرب في سورية كان فيها نفس الحلفاء يدعمون الإرهابيين في سورية لضرب الدولة السورية والشعب السوري، الفرق هو شيء وحيد هو التسمية، في سورية هم القاعدة وتفرعاتها “داعش- النصرة-الإخوان المسلمون” إلى آخره، وفي أوكرانيا هي النازية، المبدأ واحد والتطرف واحد ويلتقي في هذا الحال النازي مع الداعشي في نفس المكان.

سؤال: ما مدى احتمالية أن يكون المتطوعون في سورية كتفاً إلى كتف مع الجنود الروس على مسرح الأعمال القتالية الأوروبية؟

الرئيس الأسد: عندما بدأت الحرب في سورية كان هناك الكثير من المتطوعين السوريين وغيرهم الذين أتوا لمساعدة الدولة السورية من خلال هذه التجربة “تلاها بتجربة”، فعل التطوع هو فعل ذاتي يعني لا يمكن أن تأتي بمتطوع.. هو يأتي، يجب أن يكون لديه دافع ذاتي، عندما سيكون هناك متطوعون سوريون يذهبون للقتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا فسوف يذهبون بنفس الطريقة، وهم لن يمروا عبر الدولة سيذهبون بشكل مباشر، ودون قرار سياسي ولا رغبة سياسية، أنا متأكد أن الكثير من السوريين لديهم هذا الشعور لا أعرف إذا كان هناك أشخاص ذهبوا أو لم يذهبوا، لا توجد لدينا معلومات، ولكن أعتقد الشعور السوري هو كما كان شعورهم تجاه الجيش السوري الرغبة بالانتصار، لأن انتصار روسيا في هذه الحرب سوف ينعكس مباشرة على سورية من ناحيتين: أولاً من ناحية كون روسيا بلداً صديقاً، وإذا كان صديقك في وضع قوي فأنت ستكون قوياً، ثانياً من ناحية انعكاسها على الوضع الدولي وهذا الوضع الدولي بالنسبة لنا هو وضع سيئ، فإذا تغير هذا الوضع بفعل الانتصار الروسي فأيضاً سينعكس علينا بشكل إيجابي من خلال تحسن الوضع الدولي.

سؤال: عدد من الدول بدأت تلاحق المتطوعين الذين يذهبون للقتال إلى جانب روسيا، كما فهمت، في سورية لا يمكن أن يكون هناك مثل هذا الشيء؟

الرئيس الأسد: لا، لا، هذا حق لهم، حق أي شخص أن يقوم بالعمل الذي يعتقد بأنه صحيح هذا أولاً، ثانياً إن هذا العمل لا يصنف في إطار الأعمال التي تؤثر سلباً أو تضر بالمصلحة الوطنية السورية، فبكل تأكيد لا.

سؤال: الدول الغربية تقترح عليكم اقتراحات خبيثة.. يقولون تخلوا عن روسيا وابتعدوا عن إيران.. نحن يمكننا أن نتفق وسنجد حلاً، سيكون هذا جيداً بالنسبة لكم شخصياً.. هم يحاولون الدخول من هذا الجانب؟

الرئيس الأسد: هم دائماً يستخدمون هذا الأسلوب حتى قبل الحرب، يعني هذا الأسلوب الخبيث هو جزء من شخصيتهم على ما يبدو الشخصية السياسية لديهم، سأعطي مثالاً لا علاقة له بروسيا تحديداً، ولكن عندما كانت العلاقات تبدو طبيعية معهم في عام 2008 تقريباً ذهبت إلى فرنسا، وكان الهدف من الانفتاح على سورية في ذلك الوقت أن نقنع إيران بأن تقوم بتخصيب اليورانيوم في الدول الغربية لكي يقوموا بالحجز عليها وإلى آخره من هذه الألاعيب، لا، في الحرب تحديداً يحاولون إقناعنا في التخلي عن الرئاسة مقابل أن يكون هناك حصانة، إذا أردت أن تأخذ معك حاشية وأموالاً لا توجد مشكلة لن يحجزوا على أموالك نفس الأسلوب يعني، لكن أعتقد يئسوا منذ زمن طويل من هذه المحاولات، فهموا أن سورية تفهم تماماً الأسلوب الغربي، ونحن الغرب لا يخدعنا، لدينا تجربة طويلة مع الغرب هم توقفوا عن كل المحاولات وتوقفوا عن التواصل نهائياً، وهذا أفضل.

سؤال: عقيلتك، وهي تلعب دوراً هائلاً في عدد من البرامج الإنسانية، لقد رأيت كيف حاربت المرض بكرامة، وكيف كانت تلتقي الناس، وكيف كان الناس يتعاملون معها، وكيف يحبها شعب وأطفال سورية.. ولذلك عائلتك وسيادتك شخصياً وعقيلتك دائماً مهددون.. دائماً معرضون لمحاولات قتل.. كيف تعيشون تحت هذا الضغط المرعب؟

الرئيس الأسد: هذه نقطة مهمة، لأن الإنسان يؤثر بالآخرين ويتأثر بهم، فبكل تأكيد سيتأثر بالدرجة الأولى بعائلته وبأصدقائه وبالدرجة الأولى بزوجته وأبنائه وإخوته، فإن لم يكن هناك دعم متبادل بين أفراد العائلة وبين الزوجين فلا شك أن ينعكس هذا سلباً على أداء أي شخص في عمله، وأنا شخص عامل وهي شخص عامل، هي ليست مجرد ربة منزل فهذا الدعم المتبادل بيننا في ظروف صعبة كالحرب وفي تحديات، ربما تخرج من المنزل ولا تعود بقذيفة أو بأي فعل آخر، إن لم يكن هناك شعور بالدعم المتبادل وإعطاء نوع من الثقة بدلاً من الخوف فبكل تأكيد كنت سأتأثر سلباً وهي كذلك، فكانت هناك علاقة متبادلة مبنية على الثقة ، أنت تقوم بعمل وطني، الخوف لن يؤدي إلى نتيجة إيجابية، الخوف لن يقوم بحمايتك من سيموت سيموت، ونحن كأشخاص مؤمنين نؤمن بالقدر، فإذا كنت ستموت فهناك قدر ستموت في وقت محدد هذا جانب، الجانب الآخر هي المساعدة كيف يساعد أفراد هذه العائلة بعضهم، وطبعاً الأبناء كانوا صغاراً خلال الحرب وفي ذلك الوقت، فهي كانت تلعب دوراً فاعلاً جداً بصفتها بالدرجة الأولى مواطناً سورياً يحب بلده بشكل كبير، ولديه رؤية واضحة لظروف الحرب ولمتطلباتها ولديها عمق في رؤية الأمور في هذه الظروف المعقدة ومارست دوراً مهماً جداً مساعداً من خلال الحوارات واللقاءات والمساهمة في مختلف الأفكار التي كانت تطرح لمعالجة تداعيات الحرب في مختلف المجالات، أنت تعرف أن الحرب تصيب كل شيء، تصيب البنية التحتية، تصيب الاقتصاد، تصيب الثقافة، المجتمع بكل جوانبه فلا حدود للعمل الذي يمكن أن تقوم به في هذا المجال، كانت تلعب دوراً فاعلاً وما زالت وخاصة الآن في المرحلة التي تلت الزلزال، بكل تأكيد قامت بعمل كبير جداً ربما لا يكون ظاهراً أحياناً في الإعلام ليس هذا هو المهم، المهم أن تحقق نتائج وكان دورها مساعداً جداً بالنسبة لي بكل الجوانب.

سؤال: الآن يحاول الغرب إثارة نقاط ساخنة في كل مكان ممكن لتشتيت انتباه روسيا.. ماهي احتمالية أن يبدؤوا مجدداً باللعب إلى جانب الإرهابيين كي يستأنفوا الأعمال القتالية في سورية؟

الرئيس الأسد: لم يتوقفوا، كل الإرهابيين في سورية يقادون مباشرة من قبل أميركا، قد يكون عبر تركيا أحياناً ولكن الرأس المدبر هو أميركي، بالمحصلة تركيا دولة ناتو لن تخرج عن الإرادة الأميركية، العملية هي عملية تبادل أدوار فمتى يتوقف؟ لن يتوقف، لأن الإرهاب هو أحد الجيوش الغربية هو مواز أو رديف لجيش الناتو أو لجيوش الناتو هذه هي الحقيقة، لن يتوقف الغرب عن القيام بكل هذه الأعمال إلا عندما يكون هناك قوة ردع كبرى ويتعرض لهزيمة كبرى في هذا المجال، لذلك استخدم نفس الإرهاب في أفغانستان ضد روسيا أو ضد الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، والآن يستخدمه في أوكرانيا واستخدمه سابقاً في الشيشان بدعم من الغرب والآن في سورية وسيستمر بحسب وجهة نظري إلى سنوات طويلة.

سؤال: هل الجيش السوري جاهز للتصدي؟

الرئيس الأسد: طبعاً أصبح لدينا خبرة، نحن علاقتنا مع الإرهاب ليست علاقة بندقية في مواجهة بندقية، الأهم هي فكرة في مواجهة فكرة، والإخوان المسلمون بدؤوا نشاطهم في سورية كانوا أول مجموعة تستخدم الدين وتدعو إلى العنف باسم الدين في الخمسينيات في منتصف الخمسينيات أو قبل، ربما في النصف الأول من الخمسينيات، وبدؤوا بأعمال العنف منذ ذلك الوقت فتكون لدى الشعب السوري عبر هذه العقود مناعة فكرية، هنا التحدي الأكبر إن لم يتمكن الإرهاب من الغزو الفكري فسيخسر المعركة العسكرية، لذلك هو يقوم بعملية استنزاف للجيش السوري ولكنه لم يتمكن من هزيمة الجيش السوري كإرهاب إلا عندما دخلت تركيا لتدعمه وعندما تدخلت “إسرائيل”، لكن هو لوحده لن يتمكن لماذا؟ لأنه كان يريد حاضنة شعبية لم يتمكن من إيجادها فخسر الحرب، وأصبح معتمداً على الحوامات الأمريكية تنقله من مكان إلى آخر كما في حالة “داعش” أو كما يحصل في المنطقة الشمالية على حدود تركيا، هذا عندما يقوم الجيش التركي بالدعم المباشر للإرهابيين.

سؤال: في وقت من الأوقات، كان هناك علاقة صداقة عائلية بينك وبين أردوغان، وكانت علاقتكم قوية، ما الذي حدث؟

الرئيس الأسد: الذي حدث وهذا ليس رأيي فقط، هذا رأي بعض الأتراك القريبين منه والذين يعرفونه معرفة شخصية، أردوغان هو شخص إخواني ينتمي للإخوان المسلمين بشكل عميق وبشكل معلن وهو لا يخفي هذه الحقيقة، والشخصية الإخوانية أو الإخوان المسلمون بشكل عام يسعون لشيء وحيد هو الوصول إلى السلطة ويستخدمون الدين من أجل الوصول إلى السلطة، لا يستخدمون الدين من أجل إصلاح المجتمع من أجل نشر المحبة بين الناس أبداً، لا تعنيهم هذه الأمور فإذاً المصلحة الإخوانية هي أولاً، عندما بدأت الحرب في سورية كان هناك توجه أمريكي أيام حكومة أوباما بأنه حان الوقت الآن للإخوان المسلمين لكي يستلموا القيادة في العالم العربي، باعتبار أن الدول العلمانية كما يفكر الأمريكي لم تحقق ما تريده أمريكا، لم تتمكن من السيطرة على الشعوب في موضوع التنازل عن الحقوق، السير باتجاه الليبرالية وكل الأشياء التي يرغبها الأمريكي، الحكومة الإخوانية هي حكومة تحكم باسم الدين، وبالتالي هي أقدر على السيطرة على الشعوب بحسب التصور الأمريكي، طبعاً كانت النتيجة فشل هذا الموضوع لأن الشعوب العربية لا تفكر بهذه الطريقة، هي تميز بين الدين بمعانيه الحقيقية وبين الطريقة الانتهازية التي يطرحها الإخوان المسلمون، عندما بدأت الأمور بهذا الشكل كان من الطبيعي بالنسبة لشخص إخواني أن يذهب باتجاه المصلحة الإخوانية، العلاقات الشخصية بالنسبة له لا تعني شيئاً، الوفاء، الصداقة هي أشياء ليس لها قيمة ولا يفكر للحظة بهذا الموضوع، فكل تلك العلاقة كانت قيمتها صفراً بالنسبة لهذا الشخص مقابل المصلحة العليا للتوجه الإخواني الانتهازي، فلكي تكون إخوانيا لابد أن تكون انتهازياً، لا يمكن أن تكون إخوانياً وتكون صادقاً.

سؤال: ولكن، بالرغم من ذلك، هل أنتم مستعدون للحوار، فيما لو كان هناك مثل هذه الاقتراحات؟

الرئيس الأسد: لذلك بدأنا المفاوضات على المستوى الأمني وعلى مستوى وزراء الدفاع، والآن نناقش اللقاء على مستوى معاوني وزراء الخارجية، وربما نصل لوزراء الخارجية وهذا يعتمد على تفاصيل الحوار بيننا وبينهم، في هذه الحالة لابد من الفصل بين المشاعر الشخصية والمصلحة الوطنية، المصلحة الوطنية هي الأهم فإذا كان هناك أي لقاء مع أي طرف هو أو غيره يحقق مصلحة سورية وينهي الحرب ويوقف نزيف الدماء فمن الطبيعي أن نسير في اتجاهه، هذا الشيء غير قابل للنقاش، لا يجوز أن ننطلق من الغضب أو من غير ذلك من المشاعر هذا خطأ.

سؤال: ألم يحاول زيلينسكي التواصل معكم؟

الرئيس الأسد: أنا لم أكن أعرف عنه إلا عندما بدأنا نسمع بعض التصريحات التي يغلب عليها طابع التهريج فأحببنا هذا الجانب كثيراً، حتى في السياسة أنت بحاجة لمهرجين من وقت لآخر لكي يغيروا الجو الكئيب للسياسة.

سؤال: لكن في غضون ذلك ألم يحاول الاتصال والاتفاق والطلب منكم إدانة روسيا؟

الرئيس الأسد: من غير الممكن أن يتواصل مع دولة اعترفت بعودة القرم إلى روسيا، مثلاً في عام 2014 أعتقد أن الحبل مقطوع منذ ذلك الوقت، وبعدها أتى اعتراف روسيا بدونباس كدولة مستقلة بعد الاستفتاء قبل أن تعلن روسيا ضمها إلى الأراضي الروسية كما كانت سابقاً، فلا أعتقد بأنه سيبادر، أعتقد أن الموقف السوري واضح لن يراهن عليه.

سؤال: كيف أثير موضوع الأسلحة الكيميائية التي يتحدث عنها الجميع، حيث استطاعت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الحصول على جائزة نوبل لتدمير الأسلحة الكيميائية في سورية… ثم فجأة تتهم سورية وسيادتكم شخصياً تقريباً باستخدام هذه الأسلحة.. أين تنتجون هذه الأسلحة؟

الرئيس الأسد: نفس السلاح الكيميائي الموجود لدى صدام حسين، وبعد فترة ظهر كولن باول وقدم اعتذاره وظهر توني بلير وتحمل المسؤولية عن الحرب في العراق والقرار الخاطئ ولكن لم يحاسب أحد لا كولن باول ولا توني بلير، وربما يخرج مسؤول أمريكي في يوم من الأيام ويعتذر ويقول لم يكن هناك سلاح كيميائي سوري، أين هي الأسلحة الكيميائية التي كانوا يخططون ليقولوا بأن روسيا ستقوم باستخدامها أيضاً في أوكرانيا؟، ولكن روسيا استبقت هذا الموضوع بالإعلان عن هذا المخطط، هذا هو الأسلوب الغربي هم يسيطرون على الشعوب معظم شعوب العالم بالإعلام، وبالتالي من السهل أن يقولوا أي شيء ويخترعوا أي قصة، بالنسبة لهم العالم هو عبارة عن فيلم هوليودي، في الأفلام الهوليودية كل الأكاذيب موجودة ولكنك عندما تجلس لتشاهد الفيلم فأنت تشعر بأن كل ما يحصل هو حقيقي حتى تخرج من الفيلم وتكتشف أن كل ما يحصل عبارة عن خداع، الحياة بالنسبة لهم في السياسة هي بنفس الطريقة، كل شيء ممكن.

سؤال: هل يستطيع الناس في سورية، أن يوصلوا مشاكلهم إليك؟ وكيف تتصرف عندما يتحدثون عن غياب العدالة والفساد الذي يوجد في أي دولة؟.. عندما ترون الناس المقربين منكم لم يحققوا توقعاتكم، هل تتصرف بحزم كما تتطلب الظروف أم تظهر طيبة قلبك وتفكر أنك ستسامحهم بكل الأحوال؟

الرئيس الأسد: أولاً عندما تكون هناك مشكلة لدى المواطن فهناك قاعدة عامة تقول بأن المواطن على حق، ليس المطلوب من المواطن أن يقدر ما هي أسباب المشكلة فمن الصعب عليه أن يقدر لأنه ليس لديه المعلومات الكاملة هو يدفع الثمن النهائي للمشكلة عندما يعاني منها، فلا تستطيع أن تمنع أحداً من أن يشتكي أو أن يتألم هذا جانب، الجانب الآخر لم ننكر في يوم من الأيام في سورية بأنه لدينا الكثير من المشاكل، جزء منها متعلق بالفساد، جزء منها متعلق بغياب العدالة لدى المؤسسات لذلك أنا أول شيء قمت به عندما أتيت إلى الرئاسة هو طرح برنامج تطوير للدولة وإصلاح، عندما تقول بأنك تأتي لكي تصلح فهذا يعني بأنك تعترف بأن هناك خللاً كبيراً والخلل ينعكس على الناس، فأولا يجب أن تعترف بأنه لديك مشكلة، ثانياً يجب أن تشارك الناس في حل هذه المشكلة، لا يمكن لشخص مهما كان من العبقرية ومن المعرفة أن يحل مشكلة وطن، ولا يمكن لحكومة أن تقوم بذلك، بضع عشرات أو حتى بضع مئات من المسؤولين، أنت بحاجة لمشاركة الناس، مشاركة الناس هي العمل الصحيح في حل المشاكل، نحن نعتمد في هذه العلاقة على الشفافية، إذا كان هناك خطأ نقول إن هناك خطأ، ليس عيباً أن يكون هناك خطأ، الخطأ ألا تقوم بمعالجة المشكلات وأن تكرر الخطأ نفسه أو أن تدافع عنه، فلذلك هذه الطريقة هي التي جعلت العلاقة بيننا كدولة أو بيني أنا وبين الشعب علاقة فيها الكثير من الثقة بالرغم من أن كل العالم كان يقف ضدي شخصياً أو وضعني أنا كعنوان للحرب على سورية، هو يهدف لإسقاط الدولة وليس فقط الرئيس، ولكن لو كانت هذه العلاقة مبنية على عدم الثقة لما وجدت أحداً يدافع عنك أو يقف معك وأنا لا أقصد يدافع بالمعنى العسكري، لكن أقصد بالمنطق باللغة بالكلام، فالشعب السوري هو شعب وطني مثل أغلب شعوب العالم، شعب لديه نفس السلبيات والإيجابيات الموجودة لدى الآخرين وأنا جزء منه، لا تستطيع أن تتصرف كرئيس إلا كجزء من هذا الشعب وتدخل معه بحوار مباشر، وهذا ما أقوم به بشكل مستمر.