ثقافة وفن

المخرج محمد سمير طحان.. أؤمن بالتداوي بالفن

يلملم المخرج السينمائي محمد سمير طحان بعضاً من صور المدن السورية ليغلب عليه شغف عمله الصحفي في البحث بما ورائيات الأحداث يرتب تفاصيلها ويبني عليها لتقديم منتج فني يحمل المتعة للجمهور وبذات الوقت يدعو ويحرض على التفكير في عدة قضايا انسانية واجتماعية متشابكة على أمل ايجاد الحلول لها.

أؤمن بفكرة التداوي بالفن ، وهذا ما دفعني بقوة وحماس للغوص في هموم الانسان السوري خلال سنوات الحرب لاكتب عنها بشكل غير مباشر وبعيد عن الخطابية والتنظير والتعالي هكذا بدأت طحان حديثه في لقاء خاص للبعث ميديا حول مشروعه السينمائي الذي نمى خلال سنوات الحرب واتجه نحو قضايا الأطفال على تنوعها وخاصة الشرائح الأكثر تضرراً منها.

وأعاذ طحان لجوءه لعالم الأطفال لثلاثة أسباب أولهما أن الأطفال هم الشريحة الأكثر تأثراً في زمن الحروب والكوارث ، ولأنهم مستقبل البلد الذي يجب أن رعايته والعناية به وعن ثانيهما يقول “لأنني أب وأخاف على أولادي ، فعالجت قضية اليتم في فيلمي “إشارة حمرا” عام 2017 و”رائد فضاء 2018”، وقضية التشرد في “قضبان المدينة”، وعمالة الأطفال في “أماني 2023”، وقضية فقدان الرعاية الأسرية في “بوظة”، وفي فيلمي الأخير نجمة أعالج موضوع الفقد”.

وكان قد أنهى طحان قبل أيام العمليات الفنية للفيلم الروائي القصير الاحترافي نجمة، من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وبطولة عدد من الفنانين والأطفال إطلاق الإعلان الترويجي الخاص به تزامناً مع الذكرى الأليمة لكارثة الزلزال الذي وقع في سورية في الـ 6 من شباط الماضي الذي حاول من خلاله رصد أبعاد الكارثة على المجتمع السوري بشكل غير مباشر عبر قصة درامية.

 

وعن المراحل التي مر بها الفيلم “نجمة” الذي فاز نصه بمسابقة سيناريو سينما الأطفال عام 2015 قال عندما كتبت النص بشكله الأول عالجت من خلاله ثيمة الفقد عند الأطفال عبر قصة طفلة تنزح عن بيتها مع أسرتها بسبب الإرهاب لتتولد لديها مشاعر الاشتياق نحو دميتها البعيدة والمحاصرة، ومع وقوع كارثة الزلزال العام الماضي أجريت تعديلات على النص ليتواءم مع هذا الحدث المأساوي، وصار يتضمن طفلتين شقيقتين تعانيان من الشوق لدميتهما، وفي محور آخر كان لدينا أم مفجوعة بفقدان ابنتها.

ويعتقد طحان أنه من خلال تجاربه السينمائية والمسرحية يحاول المساهمة في بناء مستقبل سورية إلى جانب عمله الصحافي والاعلامي بما يمتلك من إمكانات ضمن الفرص المحدودة التي تتاح له مع شركاء حقيقيين مؤمنين بهذا المشروع الثقافي والمعرفي والوطني المهم.

 

وبعد سؤالنا إن كان الأقرب إليه انتاج أفلام سينمائية للأطفال أم الأفلام التي تعنى بقضاياهم أجاب طحان “دائما أضع في حساباتي وأنت أكتب وأنفذ ما كتبت أن تصل رسالتي للأطفال وللكبار عبر معالجة القصة بعدة مستويات تمكن أغلب الشرائح من التقاطها والتفاعل معها وفهم رسالتها ومقولتها لتترك أثرا في نفوسهم وعقولهم وتحرضهم على التفكير في عدة نقاط مرتبطة بحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم.”

وتابع حديثه “سعيت عبر هذه الأفلام للإضاءة على أهمية اكتشاف المواهب ودعمها والغوص في تفاصيل كل طفل من هذه الشرائح المنكوبة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمعرفي له، لمعالجة ما أصاب هذا الجيل من جروح مادية ونفسية، وبالطبع لا يزال لدينا الكثير للحديث عنه والعمل عليه، فلا مستقبل لأي مجتمع لا يعنى بأطفاله وحاضرهم لأنهم هم المستقبل الذي يجب أن يكون مشرقاً”.

 

ويرى طحان أم السينما السورية شهدت زيادة في عدد انتاجاتها خلال سنوات الحرب خاصة بعد اطلاق مشروع دعم سينما الشباب ومسابقة سيناريو سينما الأطفال، ومع إلحاح قضايا مرتبطة بإرهاصات الحرب ومخلفاتها على الإنسان والمجتمع انعكست هذه الزيادة في الكم ايجابيا على زيادة عدد الافلام المعنية بقضايا الطفل والتي افرزت عدة أفلام وسيناريوهات تعنى بالطفل وقضاياه أو تتوجه له بشكل مباشر.

وختم طحان حديثه “لكل مرحلة متطلباتها ، ونحن اليوم نخرج من سنوات قاسية وعلينا ان نرمم جراحنا ونعتني بالاكثر تضررا في مجتمعنا لنعيد الحياة لهم ونساهم في مداواتهم وبلسمة جراحهم ، وبالتأكيد نطمح لتقديم اعمال سينمائية للأطفال تعبر عن سحر عالمهم بجماله واحلامه الوردية، وان يكونوا معافين اقويا امنين ويتمتعون بكل حقوقهم وحاصلين على متطلبات الحياة الأساسية من تعليم وصحة وامان اسري ، لعلنا نصل في يوم الى تلك الحياة التي يستحقها أطفالنا ونستحقها نحن بعد كل ما عانيناه وكابدناه طيلة السنوات الماضية .

 

يذكر أن المخرج طحان كان قد فاز في المسابقة الأولى لسيناريو سينما الأطفال التي أطلقتها المؤسسة العامة للسينما عن نص فيلم «الدمية المحاصرة»، لتكون البداية مع عالم كتابة السيناريو، وبعدها قام بإنجاز فيلم «اللعبة» كتابة وإخراجا بمساعدة عدد من الأصدقاء من دون وجود جهة إنتاجية له، وعرض على هامش مهرجان «سينما الشباب والأفلام القصيرة» بدورته الرابعة، كما أنجز فيلم «إشارة حمرا» ليشارك في المهرجان ذاته بدورته الخامسة، وينال تنويها في تظاهرة «أيام دمشق السينمائية» ضمن مسابقة لجنة التحكيم، كما شارك في الدورة السادسة من المهرجان بفيلمين هما «رائد فضاء» من تأليفه وإخراجه، و«قضبان المدينة» من تأليفه وإخراج فادي رحمون.

كما فاز فيلم «بوظة» في مسابقة اختيار نصوص الأفلام القصيرة التي أطلقتها مديرية الإنتاج في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وقدمت مسرحيته الأولى «الطين الأحمر» تأليفا وإخراجا على خشبة مسرح «القباني»، ضمن مشروع «دعم مسرح الشباب»، إذ فاز النص بموافقة لجنتي قراءة في مديرية المسارح والموسيقى، وكان النص السوري الوحيد للكبار من بين النصوص الخمسة الفائزة بالمنح، وهو عرض «مونودراما» تدخل فيه السينما إلى جانب الأداء الحي على الخشبة لتقديم فرجة بصرية من نوع مختلف عما يقدم عادة في المسرح السوري.

أماني فروج