الشريط الاخباريسلايدمجتمع

 2 مليون وحدة سكنية مقدار العجز السكني.. هل نحن أمام أزمة سكن أم إسكان؟؟

البعث ميديا – رغد خضور 

تأمين المسكن والمكان المناسب للإقامة من القضايا التي تواجه العديد من الدول لحلها، فكيف بدولة عانت منذ أكثر من 10 سنوات جراء حرب استهدفت المباني والبنى التحتية فيها، وتعرض أبناؤها للتهجير من مناطقهم، الأمر الذي يفرض اليوم بحث واقع السكن وإعادة النظر بالآليات والخطط المتبعة لتناسب احتياجات المرحلة الحالية من السكن.

قبل الحرب كان الاعتماد على الخطط الخمسية التي تؤكد على دور القطاع العام في دعم السكن، مع تدخل محدود جداً للقطاع الخاص، وفقاً لمعاون وزير الأشغال العامة والإسكان لشؤون التخطيط الإقليمي والعمراني، المهندسة ماري كلير التلي، التي بينت لـ”البعث ميديا”، أن السياسات الحكومية المتعلقة بهذا الجانب لم تأخذ المستوى المطلوب منها والفرص الاستثمارية لم تلبي أبعادها المناسبة.

السياسات العامة للدولة ثابتة في دعم السكن، وفقاً لـ التلي، لكن لا بد من طرح الاستراتيجيات التي تعمل عليها الوزارة اليوم والخطط التنفيذية لتحفيز الاستثمار في هذا القطاع، لا سيما بظل قانون الاستثمار رقم (2) لعام 2023، لافتاً إلى أنه عند الحديث عن الاستثمار لابد من التأكيد على أهمية التشاركية بين القطاعين العام والخاص بهذا المجال لما له من انعكاسات اجتماعية واقتصادية تتمثل في تحسين جودة الحياة وتعزيز التماسك الاجتماعي وزيادة الدخل العام ودعم الاستقرار المادي للأسر.

غير أن الفجوة الكبيرة الحاصلة بين أسعار المساكن ومتوسط دخل الأفراد تجعل من هذه المشكلة مستعصية، وفقاً لعميد كلية الهندسة المعمارية، الدكتورة المهندسة ريدا ديب، والتي ترى أن تصدي الدولة متفردة لهذه المشكلة وتأمين الاحتياج السكني يبدو أنه بحاجة لمشاركة من القطاع الخاص، الذي يبحث بدوره عن الجدوى من الاستثمار في هذا المجال، رغم وجود حصة لهذا القطاع سابقا وفق الخطط الخمسية التاسعة والعاشرة وحتى الحادية عشر، التي لم تُقر، إلا أن تلبية احتياجات أصحاب الدخل المحدود قد تبدو غير مجدية بالنسبة له.

وعليه، توضح عميد كلية الهندسة المعمارية أنه لابد من البحث في الآليات والتشريعات والقوانين التي ستدعم هذه العملية التشاركية لتلبية احتياجات السكن المتزايدة، التي تقدر اليوم بحوالي 2 مليون وحدة سكنية، وهذا الرقم يمثل مقدار العجز السكني نتيجة الفروقات الحاصلة بين العدد الكلي للأسر المحتاجة للمسكن وبين الرصيد السكني الجيد المتوفر في فترة زمنية معينة.

والفجوة السكنية في سورية، بعد تقدير حجم الدمار الكلي والجزئي الذي لحق بقطاع الإسكان نتيجة الحرب، بحسب إحصائيات بعض الدراسات، بلغ أكثر من مليون مسكن بما يقدر بنحو 27% من المساكن، وعليه طرحت ديب تساؤلاً حول ما إذا كنا نعاني من أزمة سكن أم أزمة إسكان؟ وهل يتم بناء المساكن لتسكن فيها الناس، على اعتبار أن أغلبها شاغر، لذا تجد عميد كلية الهندسة ضرورة تحديد الاحتياجات وكيفية تشجيع فرص الاستثمار لتغطية هذه الحاجة، وبشكل خاص لأصحاب الدخل المحدود.

أهل الاختصاص والجهات المعنية كانوا حاضرين خلال ورشة تفاعلية أطلقتها جامعة دمشق للمناقشة الاستثمار في السكن، وكلٌ طرح تساؤلاته حول صيغ الاستثمار والقوانين الناظمة، وإذا ما كان الاستثمار في السوق العقاري صحي أم لا، فبحسب الأعراف لطالما كان التداول فيه هو صمام الأمان، فيما شدد البعض على ألا يؤثر الاستثمار على أسعار العقارات وعدم الاستحواذ والمضاربة في السوق العقاري، والطرح الأبرز كان موضوع التمويل الذي يحتاج إلى تحديث ورؤى جديدة تشجع صيغ مختلفة لحيازة المسكن.

ومع كل تلك الأفكار والتساؤلات، كان لابد من سؤال الوزارة المعنية حول كيف يمكن أن يسهم الاستثمار في السكن بتلبية احتياجات السوق العقاري، وهنا رد وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس سهيل عبد اللطيف، في تصريح لـ”البعث ميديا”، بأن الوزارة تعمل على مسارين تخطيطي وتمويلي وكلاهما موجود ضمن الاستراتيجية التي أقرتها الحكومة للسكن، لافتاً إلى أن العمل بهذه الخطوط يؤدي إلى استثمار أمثل للسكن وتحسين بيئة الاستثمار عبر القوانين والتشريعات وتعديلها، هذا بالإضافة إلى التخطيط الذي شهد قفزة في كل مستوياته من التخطيط الإقليمي والهيكلي والعمراني، على الرغم من بعض الفجوات المتراكمة التي تعمل الوزارة على معالجتها.

وفي مداخلته خلال الورشة التفاعلية، ذكر الوزير أن الاستثمار في السكن له شجونه، ليس فقط في سورية، والمؤسسة العامة للإسكان لا تملك حل هذه المشكلة، فتأمين سكن للجميع أمر مستحيل، ولكن يمكن حل ذلك بأنماط أخرى كالسكن الاجتماعي بعنصره التعاوني، والحكومي هو جزء بسيط من السكن العام، منوهاً إلى أن نسبة السكن الحكومي ضمن الخطة الخمسية الحادية عشر، التي لم تُقر، كان 7% وذلك قبل الحرب، وعليه لا بد من تطبيق قانون وأنظمة الجمعيات التعاونية لضبط عملها ورفع مستوى أدائها.