أخبار البعث

اللحام: حزب البعث ضرورة.. وأهدافه اليوم أكثر مشروعية في مواجهة التحديd

*سؤال: تمر الذكرى الثامنة والستون لتأسيس الحزب، في ظل الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس، والتفكك العربي غير المسبوق، والظروف الإقليمية والدولية المتوترة.. كيف تنظرون إلى دور الحزب ومشروعه القومي اليوم؟.

أولاً أتوجّه بالتهنئة لشعبنا العربي من المحيط إلى الخليج بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لتأسيس حزبنا العظيم حزب البعث العربي الاشتراكي؛ الذي انطلقَ من رحم الأرض العربية ومعاناة شعبنا، مستلهمَاً إرادةَ الجماهير العربية؛ منادياً برفع الظلم عنها، مدافعاً عن الوطن، مناضلاً من أجل التحرر والاستقلال والسيادة والبناء.

مما لاشكَّ فيه أنَّ الواقع العربيَّ اليوم يعتريه الكثير من التفكُّك والتناحر وضياع البوصلة، بعدما استطاع الاستعمار الغربي اختراق النسيج الوطني عبر أدواته الرجعية، وأذرعه المخابراتية، وأزلامه السياسية، ووكلائه الإرهابيين، والعمل على تخريب هذا النسيج وتفتيته تمهيداً لتفكيك الدولة الوطنية، وإضعاف قدراتها السياسية والاقتصادية والدفاعية.. مع ما يعنيه ذلك حكماً من قتل للمشروع البعثي بإقامة الوحدة العربية التي ننشدها كبعثيين، ونناضل من أجل تحقيقها منذ نشوء البعث كحزب نضالي قومي.

فما نعيشه اليوم من حروب على الأمة العربية بيد أبنائها، يشكّل أخطر المراحل التي تعيشها الأمة في تاريخها الحديث.. فقد عانت الأمة منذ عهود من الاستعمار والاحتلال، ومحاولات محو شخصية الأمة ورسالتها، وإلحاقها بمشاريع إقليمية وغربية ليس فيها أي مصلحة لها ولشعبها، ولكن في تلك الفترات تنادت الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، وتشكّلت قوى سياسية وفكرية وحزبية تشاركت الهدف برغم تباين واختلاف الفكر والأيديولوجيا.. فكان المشترك محاربة المستعمر وتحقيق الاستقلال.. غير أننا اليوم نرى أن القوى الفكرية والسياسية والحزبية العربية متضاربة متناحرة، تتحكم بها قوى المال والنفط، وتديرها قوى غربية، وهذا يعيدنا إلى مشروعية حزبنا العظيم الذي نعتقد بقوة أنه ضرورة حتمية في حاضرنا ومستقبلنا، كما كان في بدايات التأسيس، وكما كانت أهدافه مشروعة تعبّر عن تطلعات الجماهير العربية، هي اليوم أكثر مشروعية في مواجهة التحديات الجديدة.. فهو حاجة وطنية وقومية في مواجهة المَدِّ الإرهابي والفكر التكفيري الإلغائي، الذي يريد العودة بشعوبنا إلى ما قبل الحداثة والتنمية، إلى عصور الجهل والانحطاط والانسياق وراء الفكر الوهمي والغيبيَّات التي تُخدِّر الفكر والعقل وتقضي على روح الأمة.

فرغم سوداوية الواقع إلا أنَّ المحن تستولد الطاقات وتطلق رياح التغيير، ومن يمتلك إرادة الشعب ودعم الشعب سيقود مسار التغيير لكي تنجو الأمة مما يخطط لها في الخفاء والعلن بيد أعدائها وبعض أبنائها، لكن المطلوب منا اليوم في حزب البعث العربي استنفار طاقاتنا الحزبية والجماهيرية وإعادة إطلاق مشروع عربي نهضوي نضالي مقاوم، من خلال رَصِّ صفوف قوى المقاومة والتعاون مع القوى السياسية ذات التوجّه الوطني والعروبي في أرجاء الوطن العربي، وتطوير أساليب العمل ووسائله، لمواجهة المخططات التفتيتية التي يراد منها طمس الهوية العربية الجامعة وتكريس حالة الاختلاف، وتحويلها إلى خلافات متناقضة، كل ذلك تمهيداً لإيجاد الوسط الملائم لكيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يعمل جاهداً لفرض نفسه «دولة يهودية» ماسحاً الهوية الفلسطينية عن أرض فلسطين.

وكما لاحظتم خلال سنوات الحرب الأربع الماضية كان الاستهداف المركز للحزب كمؤسسة سياسية وفكر قومي، ومحاولة تعميم فكر وثقافة الكانتونات على أسس إثنية ومذهبية، على حساب الفكرة القومية والانتماء الوطني بالاستفادة من حالة الفوضى والتفكك التي أوجدها ما أُطلق عليه اسم “الربيع العربي” وكان خريفاً دموياً قاسياً أينما حلَّ.

*سؤال: ما زلنا نسمع من المعارضة اللاوطنية الأسطوانة المشروخة إياها حول حكم الحزب الواحد واحتكار السلطة في سورية، بماذا تردون على ذلك؟.

إن المعارضات الخارجية المرتبطة بمخطط ضرب الدولة السورية وتفكيك كيانها وإضعافها هي ملحقات ثانوية بأجهزة استخبارات وسفارات غربية، هدفها الوحيد الإساءة لسورية وشعبها، وتشويه صورة الدولة السورية.. فهي لن ترضى إلا برضى أسيادها، وبالتالي نحن لا نوليها أهمية، بل إن ما نوليه الأهمية والاهتمام هو إرادة الشعب السوري ومتطلباته.. ونقول لكل من ينتقد قيادة حزب البعث للدولة إن الانتخابات هي المرجع الأول والأخير، وهي الامتحان الذي تخضع له جميع الأحزاب في سورية للوصول إلى مجلس الشعب.. فمن يمتلك الرصيد الوطني والشعبي الذي يخوِّله الحصول على أغلبية نيابية في المجلس يستطيع أن يتولى مسؤولية إدارة شؤون البلاد.. ونحن في سورية نحتكم إلى الدستور والقانون، فمنذ الثمانينات توجد أحزاب وطنية وهي تشارك في الحكم والحكومة وإدارة شؤون البلاد، والدستور الجديد كرَّس التعددية السياسية، كما أتاح قانون الأحزاب الجديد قيام أحزاب وطنية جديدة، وهي ممثلة اليوم في مجلس الشعب وفي الحكومة، وبالتالي أي حديث عن احتكار للسلطة هو اتهام سياسي ليس في موقعه، ومن يريد أن ينافس حزب البعث وغيره من الأحزاب الوطنية عليه أن ينزل إلى الانتخابات وفق الدستور والقانون، ومن يربح الأغلبية تكون له القدرة على ترشيح الرئيس وتشكيل الحكومة وقيادة دفة البلاد.

ونحن نطمح في مجلس الشعب لأن تتعزز فكرة التعددية السياسية، ويتعمّق مفهومها من خلال الممارسة السياسية والعمل الوطني، لأن كل فعل وطني بلا شك هو خدمة للوطن من أي حزب جاء.

*سؤال: ما هي دلالات التغيّر في الرأي العام الأوروبي كما تعبّر عنه زيارات الفعاليات البرلمانية الأوروبية إلى سورية، وهل ترون فيها مقدمة لتغيير حتمي في السياسة الأوروبية الرسمية؟

مما لاشك فيه أن سورية الدولة بكل مؤسساتها عملت وكافحت من أجل إيصال صوت الشعب السوري للعالم، من أجل وضع حقيقة ما يجري في سورية وما يتعرض له الشعب السوري من إرهاب تكفيري أمام الرأي العام العالمي، وأمام مؤسساته التنفيذية والتشريعية، دفاعاً عن سورية الحضارة والتاريخ والشعب العريق، وعلى مدى أربع سنوات تضافرت الجهود الدبلوماسية والبرلمانية والإعلامية ونجحت في تحقيق نوع من الخرق في الرأي العام العالمي الذي جرى تضليله من خلال الماكينات الإعلامية الغربية التي تسيطر على أكثر من 90% من الإعلام العالمي.. هذا الخرق في الواقع استند إلى حقيقة شعب صامد يتعرض للإرهاب، وإلى جيش قوي متماسك يواجه الإرهاب والإرهابيين بعزيمة لاتلين.. وبالتالي استطعنا أن نحدث تحولاً في بعض مراكز صنع القرار الغربي ولاسيما في المؤسسات التشريعية التي تمثل الشعوب.. بدأ هذا التحول خجولاً لكنه تعزّز مع انتشار الإرهاب، وتدحرج كرة النار لتصل إلى قلب أوروبا وبعض الدول الأخرى، الأمر الذي دفع بالعديد من المؤسسات البرلمانية في العالم إلى التحرك والبحث عن فهم لما يجري، خصوصاً بعدما تأكد لهم أن ما حذرت منه سورية مراراً بدأ يتحقق.

إنَّ الزيارات التي قامت بها الوفود البرلمانية إلى سورية تمثل نوعاً من الانعطاف السياسي لجهة تدوير المواقف نحو سورية، لأن بعض الدول توصلت إلى قناعة أن الإرهاب الذي تتعرض له سورية والعراق هو عدو للبشرية جمعاء، وأن الوقوف في وجه هذا المَدِّ السرطاني واجب وطني لتحصين تلك الدول من تداعيات الإرهاب ومن احتمالات انتقاله إلى أراضيها.

وجُلُّ ما نأمله في سورية، أن تتصرف الدول والحكومات من منطلق الحرص على مصالح شعوبها، وبالتالي ستجد نفسها في خندق واحد مع سورية تقاتل الإرهاب الذي يشكل تهديداً للبشرية وللحضارة الإنسانية.. فما تقوم به الجماعات الإرهابية كداعش وجبهة النصرة من تدمير للتراث الإنساني وذبح وسبي وتفجير للأضرحة مؤشر لما يمكن أن يكون عليه مستقبل البشرية في حال فشلنا في القضاء على الإرهاب والفكر التكفيري المتطرف.