موسكو وبغداد متفقتان على مواجهة الإرهاب ووقف تدفقه إلى سورية والعراق
بحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد أمس مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الوضع في المنطقة وخصوصا الأزمة في سورية وضرورة التوصل إلى حلول سياسية لها إضافة إلى بحث سبل مكافحة الارهاب وتجفيف منابعه.
وتطرق الجانبان الى ضرورة تنمية التعاون بين البلدين في جميع المجالات وفق ما ذكرت شبكة الإعلام العراقي.
وشدد المالكي خلال اللقاء على الحاجة إلى التعاون الدولي لدحر الإرهاب ولا سيما التعاون مع الجانب الروسي مجددا التأكيد على حاجة العراق إلى الأسلحة الخاصة بمكافحة المجموعات الإرهابية وملاحقتها وتبادل المعلومات الأمنية حولها.
واتفق الجانبان على ضرورة مواصلة التشاور في قضايا المنطقة والتطورات الجارية وتبادل الاراء والزيارات بين المسؤولين في البلدين.
من جانبه أعرب وزير الخارجية الروسي عن تأييد بلاده لخطوات الحكومة العراقية في مواجهة الارهاب وبسط الأمن والاستقرار مبديا استعداد روسيا للتعاون مع العراق في كل المستويات.
وكان وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والعراقي هوشيار زيباري أكدا في مؤتمر صحفي مشترك عقب مباحثات أجراها الجانبان في العاصمة العراقية أن روسيا والعراق متفقتان على أن الحل السياسي هو الوحيد للأزمة في سورية ويجب على جميع الدول دعم ذلك.
وأوضح لافروف أن استمرار دخول السلاح إلى الإرهابيين فى سورية دون أي جهد دولي لوقف ذلك يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية فيها داعيا الحكومة السورية والمعارضة إلى الوقوف معا لمواجهة الإرهاب المدعوم من الخارج والذي تعاني منه سورية.
ولفت لافروف إلى أن بلاده تناقش حاليا في مجلس الأمن مشروع القرار حول المسالة الإنسانية في سورية “وأن الأفكار والمقترحات التي تقدمت بها إلى مجلس الأمن بهدف إدانة التهديد الإرهابي تأتي بينما تسعى إلى تأمين جلوس ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة واتفاقهما على إجراءات مكافحة الإرهابيين سويا”.
وأشار لافروف إلى أن روسيا تقدمت منذ فترة إلى مجلس الأمن بمشروع قرار ووثيقة “تدين الإرهاب بكافة أشكاله ولا سيما فيما يتعلق بالأزمة في سورية من خلال إدانة الإرهاب من قبل المجموعات المسلحة بكل أنماطها وتبحث في كل المسائل المتأزمة في المنطقة”.
وأكد لافروف أن السبب وراء تقدم روسيا بمشروع القرار هذا هو أن “الإرهاب يمثل الشر الذي يهدد النظام العالمي كله وعلى هذا الأساس فإن روسيا لا تتوافق مع الذين يحاولون تبرير الإرهاب أو التهديد الإرهابي بقولهم إن النظام في سورية لا يريد أن يتنحى” مشددا في الإطار ذاته على أنه لا يمكن إيجاد تبرير للعمليات الإرهابية.
وتابع وزير الخارجية الروسي إن “روسيا والولايات المتحدة تتعاونان في كثير من القضايا الملحة ومن بينها قضية مكافحة الإرهاب” معربا عن أسفه الشديد لبروز إزدواجية في المعايير من قبل الولايات المتحدة في تعاملها مع الأزمة في سورية حيث “يقول الأمريكيون إنه لن يتم التغلب على الإرهاب طالما بقي الرئيس الاسد في السلطة فهذا الموقف يمثل تشجيعا للمتطرفين وأولئك الذين يمولون الإرهاب ويمدون التنظيمات الإرهابية بالسلاح ما يؤدي في نهاية المطاف الى تفاقم الأزمة في سورية”.
وأشار لافروف إلى أن الأمريكيين ومن خلال المحادثات الشخصية معهم كانوا يعترفون أن التهديد الرئيسي لسورية يتلخص في الإرهاب وليس في النظام مبينا أن مثل هذا الموقف والتوافق بين الجانبين الروسي والأمريكي “ظهر في حزيران من عام 2013 خلال انعقاد قمة مجموعة الثماني في شمال إيرلندا حيث تقدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون آنذاك باقتراح لإدخال فقرة في نص قرار القمة بدعوة الحكومة السورية والمعارضة لتضافر الجهود بغية استئصال الإرهاب من الأراضي السورية” وهذا ما تسعى روسيا لتطبيقه من خلال اتصالاتها مع كل الأطراف المعنية.
وشدد لافروف على أن عملية إرسال المساعدات إلى سورية يجب ألا تعتمد فقط على رغبة أي طرف بذلك بل أن “ترتكز على القانون الإنساني العالمي والمبادئ المعمول بها في المجتمع الدولي” مبديا رغبة روسيا بتسليم المساعدات في سورية وفق الخطوات التي وردت في مسودة مشروع القرار الذي كانت قدمته لمجلس الأمن الدولي دون أي خروقات.
وأضاف لافروف إن “مسألة المساعدات الإنسانية يجب تنسيقها وفقا لقوانين المجتمع الدولي” محذرا في الوقت ذاته من إمكانية قيام الإرهابيين باستغلال مسألة إيصال المساعدات لتهريب السلاح إلى مجموعاتهم عبر الحدود مع سورية “وهو ما يتم دون أي مساءلة لأحد بهذا الخصوص”.
ولفت لافروف إلى البيان الرئاسي الذي كان أصدره مجلس الأمن مؤخرا ودعا فيه كل الأطراف إلى ضمان تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة في سورية.
وقال لافروف إن روسيا والعراق اتفقتا على الوقوف معا في مواجهة الإرهاب “هذا الشر الكارثي الذى ينتشر في المنطقة” مبينا في الوقت ذاته أن روسيا تسعى إلى قيام شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “بتقرير مصيرها بنفسها بعيدا عن أي تدخل خارجي أو محاولات لفرض وصفات جاهزة”.
وأضاف لافروف “إن التهديد الإرهابي يقلقنا بشكل جدي فهذه الظاهرة تنتشر في المنطقة برمتها وتساعد على ذلك الأحداث المأساوية في سورية وأجمعنا الرأي اليوم على ضرورة مكافحة هذا الشر استنادا للمبادئ المبرمة في مجلس الأمن والتي تقول إن الإرهاب لا يعرف الحدود الوطنية ولا الدين والأصول القومية ولابد من تضافر الجهود لمكافحته جماعيا”.
وأكد لافروف أن الجانبين اتفقا على تعزيز العلاقات بين البلدين في المجال الفني العسكري و”تسريع عملية تزويد العراق بالأنواع المختلفة من المنتجات العسكرية التي هو بحاجة ماسة لها بغية مكافحة الإرهاب” وعبر لافروف عن تضامن روسيا مع الشعب العراقي في مواجهة الإرهاب وتأييدها النهج الثابت للقيادة العراقية في اتخاذ التدابير الخاصة باستتباب الاستقرار والوصول إلى التوافق الوطني لافتا إلى الأهمية الرمزية البالغة المترتبة على الانتخابات البرلمانية التي سيتم البدء بها قريبا في العراق.
وأشار لافروف إلى أن “الإمدادات المقدمة من روسيا للعراق في مجال الأسلحة الخاصة بمكافحة الإرهاب لا تتأخر وهي تتم بموجب العقود المبرمة بين الجانبين” لافتا إلى أن الجانب العراقي تقدم بطلب لتسريع الإمدادات بهذا النوع من الأسلحة وأن الجانب الروسي سيدرس هذا الطلب وسيتم تزويد العراق بالأسلحة المطلوبة في أقرب وقت ممكن.
وتطرق الوزيران للأوضاع الخاصة بالملف النووي الإيراني وأعربا عن ترحيبهما المشترك بالخطوات المتخذة من جانب إيران والدول الست في هذا الاتجاه.
ولفت لافروف إلى أن الجانب الإيراني يتعاون مع مجموعة الدول الست وهو مؤمن جدا بإمكانية التوصل إلى اتفاق وقال “الطرفان يتصرفان على أساس النية الجيدة والحقائق والاحترام المتبادل ويأخذان بعين الاعتبار مخاوفهما الشرعية المشتركة دون أي تسييس”.
وفيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا أكد وزير الخارجية الروسي أن هذه الأزمة تتفاقم جراء التدخل الخارجي والإعلام التحريضي الذي لا يريد أن تصل البلاد إلى حل سلمي بين الحكومة والمعارضة وقال إن “التدخل الغربي يحرض المعارضة ضد الحكومة في أوكرانيا وهناك إرهابيون مسلحون في صفوف المعارضة يقومون بارتكاب أعمال عنف فيها”.
وحذر لافروف من أن العقوبات التي تنفذها واشنطن ضد بعض المسؤولين الحكوميين في أوكرانيا تؤدي إلى نشر العنف في البلاد وزيادة عدد المتطرفين المسلحين موضحا أن موقف روسيا تجاه ما يحصل في أوكرانيا يتمثل بتحميل الدول الغربية مسؤولية إشعال التوتر من خلال تحريضها قوى المعارضة الأوكرانية ضد الدولة ومشيرا إلى أن “الغرب يستخدم أوكرانيا في موضوع الجغرافيا السياسية لإيصال حكم يعادي روسيا الاتحادية”.
من جهته لفت وزير الخارجية العراقي إلى أن الجانبين بحثا تطورات الأزمة في سورية ونتائج مباحثات جنيف2 الأخيرة والدور المطلوب من الدول الكبرى ودول الجوار مع سورية لمضاعفة العمل والجهد “لوضع حد للمأساة الإنسانية فيها”.
وأكد زيباري أن المباحثات بين الجانبين كانت مفيدة ومعمقة فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين والأحداث والتطورات الإقليمية والدولية مبينا أن الجانبين اتفقا على تفعيل اجتماعات اللجنة الوزارية العراقية الروسية المشتركة.
وأضاف زيباري أن العراق وروسيا أكدتا أهمية إنجاح المحادثات النووية بين إيران ومجموعة الدول الست مشددا على أن العراق “لديه مصلحة حقيقية في معالجة كل الأزمات لأنه يعيش في عمق المنطقة وجوارها”.
وأشار زيباري إلى أن العراق “بحاجة ملحة لأسلحة لمكافحة الإرهاب وإلى طائرات ومعدات فنية وتسليحية” مبينا أن هناك عقودا تسليحية موقعة مع الجانب الروسي ولكنها بعيدة المدى “وأن روسيا وعدت بتسريع عملية تسليم الأسلحة الملحة والعاجلة لمساعدة الجيش العراقي في التصدي لحالة الإرهاب المنفلتة الداخلية والآتية من الحدود مع سورية تجاه المحافظات العراقية”.
وفي الختام كشف وزير الخارجية العراقي أن بلاده تحضر برنامجا لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب في بغداد أواسط الشهر القادم على مستوى الخبراء والفنيين والاختصاصيين مبينا أن العراق على تواصل مستمر مع روسيا للمشاركة في هذا المؤتمر لأن “آفة الإرهاب هي آفة عالمية وليست محلية أو عراقية وتحتاج إلى تكاتف كل الجهود والخبرات لهزيمتها”.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدأ في وقت سابق أمس زيارة عمل إلى العراق يجرى خلالها محادثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وكبار المسؤولين العراقيين حول الأزمة في سورية والتعاون بين البلدين في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والإنسانية.
البعث ميديا -سانا