مساحة حرة

المنطقة على أبواب مرحلة جديدة ؟؟

   تكثر في هذه الأيام التحليلات السياسية وتتباين في معطياتها ومعلوماتها حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط التي تقع تحت رحى حرب كونية قذرة أدواتها الإرهاب المدعوم بقوة من قبل دول الغرب الاستعماري ، ومع تنامي واتساع قوة التنظيمات الإرهابية التي باتت تهدد جميع دول المنطقة ، حيث دخلت إلى كل المناطق بشكل علني أو عبر خلايا نائمة تنتظر التوجيه بالتحرك وصولاً إلى جميع دول العالم دون استثناء ، مما جعل الواقع الأمني والإنساني يدخل فعلياً في مجهول القادم من أعمال التنظيمات الإرهابية التي تمكنت من السيطرة على مناطق واسعة من العراق وسورية في الفترة الأخيرة ، وأخذت تتوعد في نشر تهديداتها يميناً وشمالاً ، إلى أن وصل الخطر إلى ذقن الدول الداعمة والممولة والراعية لهذه التنظيمات ذاتها ، ومن اللافت للنظر اليوم المراجعة التي تسربت لوسائل الإعلام من منتدى ” أوسلو ” الذي يُعقد سنوياً بالتعاون بين وزارة الخارجية النرويجية ومعهد ” الحوار الإنساني”  (  إش – دي ) الذي يتخذ من جنيف مركزاً له ، حيث عُقد في هذا العام تحت عنوان ” مفاوضات من أجل السلام ” والأمر المدهش فيه هو دعوة سورية رسمياً للحضور بعد حصار دام أكثر من ثلاث سنوات ، حيث مثلت سورية المستشارة بثينة شعبان التي تقدمت بورقة عمل شرحت فيها وجهة النظر السورية عن مخاطر الإرهاب وأثره على الواقع الإنساني والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط والعالم ، وقد تخلل المنتدى تصريحات صحفية لوزير خارجية النرويج أكد من خلالها ” أن الغرب يعترف بخطئه تجاه سورية ..لكن الجميع يبحث عن حل يشعر من خلاله أنه ربح وذلك حفاظاً على ماء الوجه “.

   في حين أشار الرئيس الأمريكي الأسبق ” جيمي كارتر ” الذي حضر المنتدى  بأنه نصح الإدارة الأمريكية منذ البداية بأن لا تُطالب بتنحي الرئيس بشار الأسد ، وألا يتدخلوا والآن أنصحهم بالتعاون مع الرئيس الأسد ، فلا حل في المنطقة إلا بالتعاون مع الرئيس الأسد ” ، كما شارك في المنتدى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ” جيفري فيلتمان ” ، وكلنا يتذكر دور هذا الأخير بمخطط  ” الفوضى الخلاقة ” وإعادة تشكيل الشرق الأوسط عندما كان سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية في لبنان وبعدها نائب وزير الخارجية الأمريكي .

  على الجانب الآخر فاجأ الرئيس الأمريكي ” باراك أوباما ” أتباع الولايات المتحدة في حربها على سورية وما تُسمي نفسها ” بالمعارضة السورية ” بتصريح هام يحمل عدة أوجه حيث رأى : ” أن الانطباع السائد لدى البعض ، بأن المعارضة السورية المعتدلة قادرة على إلحاق الهزيمة بنظام الرئيس بشار الأسد غير صحيح مطلقاً ” ، معرباً عن شعوره بالإحباط من المعارضة السورية ، قائلاً : ” لقد أمضينا وقتاً طويلاً نحاول العمل مع المعارضة السورية ، فلم يكن هناك معارضة سورية معتدلة جاهزة ” ، في ذات الوقت الذي علت فيه أصوات سياسية أمريكية مطالبةً بتغيير السياسة الأمريكية والغربية تجاه سورية التي يجب عليها أن تكون حليفة للحكومة السورية في مواجهة الإرهاب ، بدلاً من الاستمرار بدعم الإرهابيين البرابرة بالمال والسلاح والتدريب من قبل بعض الأطراف الأمريكية والغربية والعربية ، وإرسالهم إلى سورية لقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ بدمٍ بارد ، وبث الفوضى في سورية والمنطقة كلها ، وهذا ما أكد عليه السيناتور الأمريكي ” ريتشارد بلاك ” فاضحاً الدور الأمريكي الخبيث في الأزمة السورية من خلال السفير الأمريكي السابق في دمشق ” روبرت فورد ” الذي بادر إلى دعم الجماعات الإرهابية منذ وصوله إلى سورية في كانون الثاني من عام 2011 ، وأضاف السيناتور ” بلاك ” : بأنه كان هناك خطة لمهاجمة ليبيا للحصول على كل الأسلحة التي كانت بحوزة النظام الليبي وإرسالها إلى لبنان وتركيا وبعدها إلى سورية ، وقد نُفذ هذا المخطط وتم تفجير ليبيا وتدمير بنيتها التحتية ولذلك تشهد ليبيا هذه الفوضى العارمة ..” .

  جاء العدوان الإسرائيلي الأخير على مواقع داخل سورية بالترافق مع هجمات نفذتها العصابات الإرهابية بعد وقت قصير على تصريح الرئيس الأمريكي ” أوباما ” الأخير ، في محاولة من حكومة الكيان الصهيوني لتأزيم الوضع ورفع معنويات الإرهابيين الذين يتعرضون للهزيمة في كافة المناطق ، إضافة إلى لفت نظر الحليف الأمريكي عن إمكانية إشعال نار الحرب بعد أن فشلت كل القوى العالمية والإقليمية وأدواتها في الداخل من إشعال نار الفتنة في سورية ، السؤال الذي يفرض نفسه ولم يجد المحللون توافقاً على جوابه ، هو : هل باستطاعة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها اتخاذ القرار بالحرب على سورية عبر تحريك رأس حربتها في المنطقة ” إسرائيل ” ومن ثم الدخول بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الدعم السخي ، بغض النظر عن الموقف الدولي وبدون تشريع من مجلس الأمن الدولي ، سيما بعد أن أحرجت الحكومة السورية هذه القوى المعادية ، وسحبت كل الذرائع من بين يديها مع انتهاء ملف الأسلحة الكيميائية السورية بشكل كامل ، وتنفيذ كل ما يخصها من قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص الوضع السوري ؟

محمد عبد الكريم مصطفى