Uncategorized

لا رحم الله كتابا سوغوا باطلاً.. وضللوا ووالوا مستعمرا

تبارى عدد (لابأس) به من الكتبة الهواة والمحترفين والسياسيين وأشباه السياسيين، الظاهر منهم والمتلطي، الواضح والملتبس، في نفث السموم والأحقاد والضغائن والأكاذيب والمزاعم والترهات مما يثير السخرية والإشفاق على هكذا عقول قاصرة وضمائر ناقصة، فخلال 72 ساعة من إعلان الدعم الروسي للدولة الوطنية السورية، لم يتركوا مفردة (محترمة) أو زعماً، أو خدعة أو وسيلة غير مشروعة، إلا استخدموها لتشويه روسيا الاتحادية ورئيسها بوتين، وللإساءة أيضا لسورية وقيادتها، ولدفع الأمة إلى مزيد من خراب.

تحركت ضمائرهم المضمرة الضامرة ، شفقة على الشعب السوري الأعزل المسكين المدمر، لأن روسيا ستقصف على حد زعمهم، أرض سورية، كأنما التحالف العسكري الأمريكي بعد سنة ونيف من القصف كان يقصف العصابات الإرهابية فوق الأرض الأمريكية، وليس الأرض السورية، وقد حقق نجاحات باهرة ضد داعش وأخواتها، ولم يمد هذه العصابات بالسلاح والتموين، ولم يترك لها فرصة للانتقال الآمن من الموصل إلى عين العرب.

وكأنما أيضاً نسق التحالف الأمريكي عملياته العسكرية مع الدولة الوطنية السورية، فيما رفض الروس التنسيق معها ودخلوا عنوة إلى سورية وليس بناء لطلب سوري رسمي، وليس بعد أن استنفذ التحالف الأمريكي على إفتراض حسن (نيته) فرصته كاملة في تحقيق تقدم يذكر، بل على العكس من ذلك، حققت داعش تقدما مهما بفضل الدعم الأمريكي المستتر حينا والظاهر أحياناً.

الكتّاب الكذبة، لم يشتاطوا غضبا عندما انتهك التحالف الأمريكي حرمة الأجواء السورية، ولا عندما قتلت نيران (صديقة) العديد من المدنيين السوريين، ولم ينظموا المعلقات عندما مدت أمريكا غير مرة العصابات الإرهابية بالتموين والسلاح، ولا عندما ضمدت مستشفيات الكيان الصهيوني من أسموهم إرهابيين أو معارضين مسلحين معتدلين، ولا عندما دمروا معالم حضارية وتاريخية ودينية اسلامية ومسيحية، ولا عندما فتحت تركيا وغيرها حدودها لانتقال العصابات الإرهابية عبرها وأمدتها بكل أشكال الدعم، ولا عندما منعت أكرادها من الانتصار لأبناء جلدتهم في سورية بمواجهة داعش.

كل هذا كان مشروعاً ومطلوبا وضروريا عند هؤلاء الكتاب الكذبة، بل ومشروعاً أيضاً، عندما تقرر العواصم الاستعمارية القديم منها والجديدة؛ الوصاية على الشعب السوري فتفرض الحصار عليه ليس اعتباراً من 17 آذار 2011، ولكن منذ أن رفض الرئيس الأسد تلبية الاشتراطات ألـ8 التي طلبها وزير الخارجية الأمريكية الأسبق كولن باول ـ فاتخذت أمريكا قرارات بمعاقبة ومحاسبة سورية، ودعمت تحولات في لبنان لإضعاف حلفاء سورية فيه وخلق شرخ بينهما، وكانت مؤامرة اغتيال الحريري خطوة على  هذا الطريق.

كما لم تنبري هذه الأقلام لدعم دعوة روسيا لإقامة تحالف إقليمي عريض لمحاربة داعش، تشارك فيه إلى جانب سورية؛ السعودية وتركيا، ولم تستنكر هذه الأقلام رفض تركيا والسعودية قيام هذا التحالف، ولا هي دعت أمريكا لتنفيذ قرار مجلس الأمن تنفيذاً حقيقياً لمحاربة الإرهاب وعدم إستخدامه ذريعة لإضعاف الدولتين السورية والعراقية وجيشيهما.

أما عندما تقرر روسيا تنفيذ قرار مجلس الأمن بعد (فشل التحالف الأمريكي بالقضاء على داعش على افتراض حسن نية التحالف وليس تعمد (الفشل)، وبعد رفض دول إقليمية إقامة تحالف إقليمي لمحاربة داعش، وعندما يتضح ان روسيا جادة في محاربة داعش وأخواتها من بنات القاعدة وغير القاعدة من إرهاب معتدل ومتطرف، يفقد هؤلاء أعصابهم، وتبدأ أقلامهم بالنواح والنباح، على نحو يثير السخرية والإشفاق على هذا المستوى المتدني حتى في الدفاع عن مشغليهم، وعن أنفسهم، فمصيرهم بعد زوال الغمة نهائياً مزابل التاريخ.

هم يعلمون حق العلم، أن روسيا الاتحادية لا تناور، وأنها جادة  وقادرة على دحر الإرهاب بكل مسمياته وعناوينه، وتمتلك الدافع لذلك، والمشروعية الدولية والوطنية الروسية، وأنها لا تخوض مغامرة أو مقامرة، ولم تأخذ هذا الاتجاه، إلا في ضوء قراءات معمقة واقعية.

أما التحالف الأمريكي فهو غير جاد، حيث لا يمتلك المصلحة أو الدافع لإنهاء إرهاب يستنزف المنطقة ويخلق الشروخ بين مكوناتها الوطنية ويطيل أمد احتراباتها والخصومات مع الأمم المجاورة لها، بينما لا تتكلف أمريكا والعواصم الاستعمارية الغربية الأخرى وتل ابيب قطرة دم واحدة  أو دولارا واحداً.. فضلا عن أن القاعدة وتفريخاتها هي في الأصل صناعات أمريكية صافية، ومن هنا فالتحالف الغربي استدام العصابات الإرهابية سنة كاملة أخرى، بذريعة محاربتها، وأتاح لواشنطن بهذه الذريعة عودة غير مكلفة للمنطقة.

صراخ الكتبة، بمثابة قطع أرزاقهم وامتيازاتهم وحماياتهم، وانتقالهم إلى عالم الموات السريري حتى يقضي الله سبحانه أمراً كان مفعولاً لكل كائن منهم. لا عتب عليهم، هم يستعدّون الآن لتلك اللحظات (الجميلة). لا رحم الله كل من خان وطنه وأمته، لا رحم الله كل من رش سكرا على موت، كل من خدع مشغله ونافقه وسوغ له الباطل ودفع به إلى إتخاذ قرارات خاطئة؛ ضيعت أوطانا وذبحت شعباً وأمة، وزرعت فتنا وشروخا وثارات وضغائن، لا رحم الله من خشي قولة حق أو ضلل مسؤولا أو مواطناً وهو يعلم أنه يدفع بالأمور إلى الاتجاه الخاطئ والكوارث والدماء والدمار، لا رحم الله كل من والى مستعمراً أو صهيونياً أو رجعياً.

 

محمد شريف الجيوسي