ثقافة وفن

تُراها تَفْعل!!

حتى اللحظة وقد مضى على سوق عكاظ الرمضاني ما يجعله على أبواب النهايات، لم يقدر عمل درامي بالتحديد على انتزاع أولوية الأعمال، ولم يقدر على شد الانتباه مسلسل من المسلسلات كما يفعل” شوق” فيثبت حلقة بعد أخرى على أنه خلطة سحرية لديها من الأسباب لإحداث الأثر الجميل.

بمحاوره المتعددة، والتي طغى من بينها محور النساء المخطوفات، والتي يؤدي أدوار الأسيرات فيه مجموعة من الممثلات أتقنّ الأداء فعصرن القلوب في كل حكاية بمفردها، أيّاً كانت المسوغات والرؤى ودوافع الأسر، حظيت من بينهن سوزان نجم الدين بتعاطف وتأكيد على جمالية الدور والأداء القوي والعفوي. وباسم ياخور الذي أثبت حتى الآن أنه معجون من خامة ثرية غنية وطيعة ما يمكنه من التصدي لأي نوع من الأدوار،…

هل نتحدث ثانية عن منى واصف في دور من أروع ما قدمته، ومشهد لن يغيب من الذاكرة :” ليش ما كذّبت عليي؟ ياريتك كذبت عليي “!! تنقل لك كل الوجع والألم والخوف في واحد من أجمل أدوارها، أحمد الأحمد بأداء عال ومحترف له و لصباح جزائري ونجاح سفكوني وسواهم.

لكن شخصية بعينها اختطفت القلوب وقد حملت اسم المسلسل ” شوق” والتي اختارت أن تضغط بالملح على جرحها، تقوى على ألمها بصمت، بانفعالات وأسلوب ساحر، أدارت حركته مخرجة تعرف كيف تستخدم عصاها السحرية فتحصد النجاح وتحدث الأثر المطلوب.

شوق بحبها المعلق على الأمل، ليست امرأة بعينها؛ إذ هي البلاد بكل ما فيها؛ يتركيبتها الفريدة، بحلاوتها ومرارها، بالحب الذي يملأ قلبها، بطيبتها بالخيانات والإنكار الذي تواجه به، وبالأحبة الذين يداوون الجرح، بالفساد والوفاء والخوف على” لقمة الخبز” التي لانروم إلّا أن تكون كفافنا أحياناً، أمراض وعلل قد يستفحل البعض منها، وقد يتماثل غيرها للشفاء والانهزام أمام العلاج، يوجعنا ألمها ووهن اقترب منها وهي تتمسك بالأشياء فتسجلها أسماء على الورق والجدران وفي القلوب، يحزننا أن يغشى ذاكرتها ضباب بل يغضبنا، لكنها ولأننا نعرف أنها وعلى مر الأزمنة وأمام الكثير من الصعاب التي واجهتها، بقيت كما هي؛ القوية أمام الشدائد، العصية على الانكسارات، ولعلها كل مرة كانت البرهان القادم على أن داءً استعصى على العلم والدواء يمكن أن يقهر؛ وأن بلاداً هزمت وهزأت بالتاريخ مرات ومرات، تمهل ولا تهمل، تحب وتسامح لكنها لا تنسى… ولا شيء يقدر على أن يمحو ذاكرتها، إذ هي لا تفقد الذاكرة مطلقاً.

ننتظر أن تجد شوق برمزيتها علاجاً يحفظ لها ذاكرتها، فهل تُراها تفعل؟!.

دمشق: بشرى الحكيم