مساحة حرة

معركة الشمال ومبررات الحسم ؟

ما أن بدأت معركة الشمال السوري تأخذ طريقها الصحيح لإنهاء بؤر الإرهاب في هذه المنطقة المغتصبة من قبل عصابات إرهابية تتبع جميعها إلى تنظيم ” جبهة النصرة الإرهابي ” المصنف دولياً على قائمة الإرهاب الدولي، لكن هذه التنظيمات تتلقى في الوقت ذاته الدعم والحماية من قوى ودول كبرى وصغرى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وأتباعها في الحلف الأطلسي وأدواتهم من العربان، حتى يخرج علينا العديد من أصوات تلك الدول والقوى تصرخ متباكية على أدواتها الإرهابية التي أصبحت في وضع حرج أمام تقدم الجيش العربي السوري، وأصبحت الخيارات أمامها إما الهروب باتجاه مشغليهم، وإما أنهم سيلاقون مصيراً أسودً أقله السحق تحت أحذية بواسل الجيش العربي السوري وحلفائه.

وبما أن الحكومة السورية وقيادتها السياسية تنادي دائماً بالسلام وتعمل على تطبيقه في كافة مناطق العالم وترفض منطق الحرب جملة وتفصيلا، فقد فتحت الباب واسعا منذ اللحظات الأولى للحرب الظالمة التي فرضت على سورية لكل المبادرات السلمية التي كانت تقدم لها بما في ذلك تلك التي كانت ملغومة وتحمل الخبث والغدر في طياتها، حيث تحاورت الحكومة السورية بكل مسؤولية وجدية مع الموفدين الحاملين لتلك المبادرات بكل ألوانهم من الأبيض إلى قاتم السواد، وكشفت كل منهم وما يحمل في سلته إليها، كما أنها لم تغلق باب الحوار مع أيٍ كان بما في ذلك ممثلين عن الإرهابيين، كل هذا من اجل حقن الدماء ووقف آلة الحرب المدمرة وإعادة الحياة إلى طبيعتها في الجغرافيا السورية وفق الدستور السوري والقوانين الناظمة، لكنها كانت في كل مرة تصاب بخيبة الأمل نتيجة الدور المخادع للقوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الذين أداروا دفة التفاوض انطلاقاً من مصالحهم وأهدافهم المعادية لسورية وشعبها، كما كانوا ينقضون الاتفاقات والتعهدات التي يأخذونها على أنفسهم وخاصة النظام التركي الكاذب والمأجور الذي يُعد نظريا من الدول الضامنة لتلك الاتفاقات وفق اجتماعات الأستانة وما تلاها من لقاءات قمة ومندوبين على مختلف المستويات.

في ظل كل تلك المعطيات والوقائع، وامام الخروقات الأمنية اليومية من قبل العصابات الإرهابية واستهداف المناطق الآمنة، ما كان أمام الحكومة السورية والقيادة السياسية في سورية إلا اتخاذ قرار الحسم العسكري بعد أن فقدت الصبر والأمل تماماً من كل تلك المبادرات والاجتماعات التي أخذت طابع المماطلة والتسويف لاستثمار المزيد من الوقت واستنزاف الدماء البريئة، والاستهتار بكل التعهدات، بل والتصعيد المتزايد في الخروقات من قبل التنظيمات الإرهابية ضاربة بعرض الحائط شروط اتفاق وقف التصعيد الذي حددته اجتماعات الأستانة حول ادلب وجوارها، ووصلت حداً غير مقبول بالمطلق على المستوين الرسمي والشعبي، وباتت تشكل تهديداً أمنياً يومياً ومتواصلاً على البلدات والمناطق الآمنة القريبة والبعيدة من إدلب، فكان قرار الحسم هو الطريق الوحيد والصحيح لإنهاء هذه البؤرة الإرهابية الغريبة عن مجتمعنا السوري، وإعادة الأمن والأمان إلى كافة المناطق السورية.

وبعد أن تحددت ملامح الخطة العسكرية وأهدافها، وبدأت التحرك الجدي، حاول المحور المعادي لسورية التشويش على معركة إدلب عبر مجلس الأمن من خلال تقديم معلومات كاذبة ومغلوطة، وما دعت إليه كل من بلجيكا وألمانيا والكويت، مطالبةً المجلس بإصدار بيان صحفي ضد الموقف السوري، لتشويه الوضع في الشمال السوري في محاولة يائسة لإعادة الحياة في الروح المحطمة للإرهابين التي انهارت بسرعة فائقة أمام هول الضربات المركزة على مواقعهم وتحصيناتهم العسكرية، وامام شجاعة وبسالة الجيش العربي السوري وحلفائه وإصرارهم على تنفيذ الخطط الهامة بدقة عالية وبزمن قياسي، حيث تمكنت روسيا من خلال مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة ” فلاديمير سافرنكوف ” من منع صدور بيان صحفي باسم مجلس الأمن حول سورية يتضمن معلومات كاذبة ومخالفة للواقع في إدلب والشمال السوري بعد أن شرح الواقع بدقة، كما أكد المندوب الروسي ” سافرنكوف ” : “على ضرورة احترام سيادة واستقلال ووحدة وسلامة الأراضي السورية ليس بالأقوال فحسب، بل بالأفعال ” !

وأما عن واقع الإرهابيين المنتشرين في إدلب والمناطق الشمالية من سورية فإن أغلب هؤلاء من جنسيات أجنبية ( الصين – الشيشان – أوزباكستان وغيرها ) مع مزيج من المتطرفين والتكفيريين من بلدان أخرى، جميعهم تابعين لتنظيم “جبهة النصرة الإرهابي ” وقد سبق وتسللوا عبر الأراضي التركية بتسهيل ودعم مباشر من نظام أردوغان وجهاز استخباراته، وبالتالي بات حكماً عليهم العودة من حيث أتوا او الموت المحتم، لأن معركة الحسم انطلقت ولا عودة عنها حتى تحرير المنطقة كاملة حتى الحدود الدولية، وعلى النظام التركي أن يعي تماماً أن عهد البلطجة والسيطرة على أراضي الغير بالقوة قد ولى إلى غير رجعة في التاريخ السوري الحديث، وإن قراراً بسحب قواته إلى داخل الحدود التركية يحفظ له ماء وجهه الأسود أمام ما تبقى له من شعبية ؟؟

 

محمد عبد الكريم مصطفى