الشريط الاخباريسلايدمساحة حرة

الحكومة والشاشات الذكية

بات التلاحم بين مختلف القطاعات والشاشات الذكية عضوياً وضرورياً بالتجربة، وصارت هواتفنا وحواسيبنا الرفيق الدائم والمصدر الأول لنعرف ماذا يحصل ولنعبر عما نريد، فاذا كان هذا حالنا معشر المواطنين، فما بال الحكومة هل هي بعيدة عن ذلك التلاحم؟
أعتقد أن الحكومة اليوم هي الجهة الأكثر حاجة لذلك التلاحم، وهو ما نشهده تدريجياً وربما هو من القضايا الهامة التي طُرحت وستطرح على طاولة الحكومة المغزلية، نعم انها حرب الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي باتت واقعاً علينا استباق كل جولة من جولاته.

التواصل الاستباقي

بات ضرورياً استباق كل ما يمكن ان يحصل في البلاد وعلى رأسه تجديد السياسات الاعلامية التي نتبعها في نقل الخبر “بسرعة” والتواصل الاستباقي مع المواطن، وعدم التركيز على الخبر بقدر ما نركز على الأثر، وظهور المسؤول على الاعلام ظهوراً مدروساً مركزاً خالياً من الحشو والكلام العام الذي لا يصب في خانة الحاجات، او الاستراتيجيات، واليات العمل بلغة بسيطة، أقرب الى لغة التواصل الاجتماعي، بغية التسويق المفيد لعمل الحكومة التي يبدو أنها ستظل اللاعب الأهم في حياة المواطن لفترة ليست بقصيرة.
ويقدم الاعلام الجديد فرصة ذهبية للمسؤول الحكومي اليوم فهو اعلام تفاعلي سهل التناول شديد التأثير وافر الوصول، والأهم أنه يمنح المسؤول فرصة التفاعل تفاعلاً حقيقياً مباشراً أو شبه مباشر.
وهذا الظهور يجب أن يكون ظهوراً مؤسساتياً للمسؤول ظهوراً عفوياً بشكله الرسمي المحبب الذي يشبع حاجة المواطن للمعلومة، ويمنحه الأمان لجهة تلمس وتلبية حاجاته والتي لن تتجلى في صورة أشد من تجليها على لسان صاحب القرار.
ولم لا تكون صفحات الفيس بوك للوزارات أو المديريات أو الهيئات كبرت أم صغرت إدارياً بمثابة “النافذة الواحدة” لإعلام المواطن والاستعلام منه، لم لا؟!

ثقافة تلقي النقد

اليست تلك الطريقة كفيلة بالتخفيف من اثر الاشاعات؟، أليست بقادرة على اتاحة المجال للرصد اليومي للمشكلات؟.
هي خطوة هامة أيضاً للارتقاء بنا لنتمرن على كيفية تلقي النقد، والسماح به، فالمجتمع السوري اليوم متعطش بشدة للنقد ومحتاج لسماع الرد، الرد الواضح المتماسك المرفق بقرائن قريبة أو بعيدة توحي بتكامل الدور الحكومي ووحدانية جسد الحكومة وترابطها العضوي مع المجتمع وأفراده حتى تصل بالناس إلى قناعة واقعية أن هذه الحكومة بنت الشعب تتحسس همومه مهما صغرت، ولا يكفي أن تكون كذلك بالفعل بل يجب أن يعرف أبسط فرد من أفراد المجتمع هذه الحقيقة.
ويعتبر النقد اليوم مقدمة هامة للتسويق لما يتم العمل عليه لدى المؤسسة.

إعلام ذو رؤية

بالتوازي مع كل نفس من انفاس الحكومة يجب أن يكون الاعلام، خاصة الاعلام الرسمي أو الاعلام الشبه رسمي، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، لانه المرآة لتلك الحكومة أمام المواطن، ويجب أن تكون لدى هذا الاعلام رؤية واضحة ومفهومة من قبل الناس يعرض ما يجب عرضه ، وينتقد ما يجب انتقاده، ثم يتابع ويتتبع الأداء آخذا بالاعتبار مصلحة المواطن ومتطلباته كبوصلة لكل اداء على المدى القريب أو الاستراتيجي وبالتالي لا يكفي ان يمتلك الاعلامي مهارات الالقاء والصوت الجيد واللغة السليمة، بل على اداراته وادارات الحكومة أن تزوده بالمعلومة وما بين طيات الأوراق الممهورة بالاختام، وتزويده برؤية واضحة لكي يؤدي الرسالة بكفاءة.

أكثر من مجرد مكتب صحفي

وفي حال اقتنع الجميع أننا أمام حرب حقيقية يتوجب أن تتحول بقرار رسمي واضح المكاتب الصحفية الى وحدات عاملة تنتج الاخبار وتصدرها وتسوق لها وترصد ردود الافعال وتشكل حالة تواصل مباشرة مع المسؤول وتنتج انتاجات خاصة كالفيديوهات والاينفوغراف وغيرها من اشكال الملتميديا بأفضل جودة وبأدق المعلومات، وفق رؤية واضحة لا اعتباطية، وان تُرصد لها ميزانية خاصة وكافية فهي خدمات مكلفة نسبياً ومجدية قياساً بذلك، كما يمكن تطوير العمل عبر ربطها كمكاتب فنياً بجهة اشرافية ذات تجربة وخبرة ورؤية تزودهت بما يلزم لظهور الجسد الحكومي بشكل متناسق لتتصدى لمهامها ولتجيب على كل تساؤل حاضر أو مستقبلي ولتعطي صورة جديدة للوزارة أو المؤسسة تعمق الشفافية وتقرب المسافة الى اقصى حد مع المواطن.

بلال ديب